الخميس، يونيو 02، 2011

السياسة والمشروع الإسلامي 1



احدى الاشكاليات الكبرى التي تلتبس على الكثير وبخاصة أصحاب المرجعيات السياسية  أو حتى العوام من الناس هي الاعتقاد بأن الدين شيء روحاني ووجداني بحت بحيث يجب فصله  عن مناح الحياة المختلفة تحت زعم ان الدين شيء مقدس يجب أن ننأى به عن الممارسات الحياتية "الدنيئة " التي قد يحدث بها تجاوزات وحسابات اخرى لاتناسب  هالة الدين المقدسة على حسب تبريراتهم لذلك فهم لايقبلون بخلط الدين بالسياسة , بل في الواقع لايقبلون بخلط الدين بأي شيء آخر ويصلون في نهاية الأمر أن يكون الدين شيء بين الله والعبد لا أكثر وقد يقبلون بوضع قيود على الممارسات الدينية وسحب بساط الحرية من تحتها لتعارضها مع قيم الحريات من وجهة نظرهم فمثلاً منع الحجاب باعتباره مظهر ديني مبرر لديهم ومنع الآذان مبرر لعدم الازعاج ومنع الزكاة مبرر حيث أن الحريات تقتضي حرية التصرف في الاملاك الخاصة كيفما يحلو للمرء وبناء على ما سبق فالمسموح به في اطار هذه المرجعيات هو فقط ما يسمح به تبعاً لظروف كل حالة

لذلك فنحن هنا فقط سنؤكد على نقطة هامة جداً قد يغفل عنها الكثير عند الحوار مع المخالف على اختلاف مرجعياته سواء كانت معادية أو مخالفة أو بها تحفظات
وهي أن السماح أو عدم السماح والقبول أو عدم القبول من الطرفين ليس هو ما عليه المعول في القضية ومع ذلك يتم انفاق كل الوقت في التطاحن حول تلك النقطة الهزلية وهي محاولة اقناع المخالف بمبرراتي لما أنا عليه بدلاً من مناقشة المشروع الكامل والبديل للطرفين , فنجد أن جل النقاش بنحصر في نقاط محددة هي
هل يقبل الاسلاميون بوجود رئيس غير مسلم؟
ما موقف الاسلاميون من المرأة ؟
ما موقف الاسلاميون من تطبيق الحدود؟
ما موقف الاسلاميون من الفن والفنانين؟
ثم نناقش لائحة الاتهامات
الاسلاميون  وإقصاء المخالف
الاسلاميون والتعصب والتشدد
الاسلاميون واحتكار الاسلام
وبلا شك فإن مناقشة هذه الترهات  بعاليه (وهي ترهات بلا جدال لأنها تحمل التناقض الداخلي الفج) يستهلك كافة الحوارات ويضع المتكلم في خانة الدفاع وعليه تكثر الأخطاء لأنه (وللأسف الشديد) يجيب عن الاسئلة الخطأ بالطريقة التي قد تكون صحيحة
وللتوضيح نسوق مثال شهير جداً قد ظهر في قلب العصر الاسلامي  عند ظهور طوائف المتكلمين والفلاسفة والملاحدة وقد كان هناك تطاحن فكري شديد بينهم وبين علماء المسلمين وقد أثار هؤلاء السؤال التالي
هل يستطيع ربك أن يخلق مثله ؟
فإن أجبت بنعم فقد أجزت أن يكون لله مثل وهدمت الديانة, وإن أجبت بلا فقد هدمت طلاقة القدرة الإلهية على فعل أي شيء وهدمت معها الديانة أيضاً لذلك فقد حار المناظرون في إجابة السؤال وظلوا يجادلون الفريق الآخر كما يفعلون الآن دون الوصول لحل شاف للجميع , حتى جاء أحد أفراد المعتزلة (فرقة إسلامية تخالف في أصل من الأصول وهو تقديم العقل على النقل ) وأجاب الإجابة الصحيحة المعروفة الآن وهي أن السؤال خاطىء لأن السؤال يقول """يخلق""" أي أن الإله المزعوم سيكون مخلوق وهو يهدم كونه إله من الأساس فيكون السؤال  حاملاً لنفيه ضمنياً وعلى المجاوب أن يدور حول نفسه في حلقة مفرغة دون الوصول للإجابة لأنه وجه تفكيره للإجابة عن السؤال قبل التمعن في السؤال وتحليله واستيعابه
 لذلك فلم أسمع حتى الآن من أي فصيل ديني عن الحلول المقترحة والتي يزخر بها الاسلام للخروج من الأزمات الطاحنة الحالية وكذلك لم أجد ذلك السياسي المحنك الذي يمسك بأطراف العملية السياسية مع استيعاب المشروع الإسلامي دون الانجراف في تيار الجدل اللانهائي حول الصراع الإسلامي مع التيارات الأخرى
لذلك فسنحاول في البوست القادم القاء الضوء على المشروع الإسلامي الحياتي الشامل بدون الخوض في اسئلة الجدل والمشروع يحمل بين طياته إجابات عن كل الأسئلة حتى التي لم تطرح بعد  

هناك 14 تعليقًا:

فتــافيت (رحاب الخضري) يقول...

دي حملة عظيمة دي يا فندم
اللي هاتخلينا نستمخ كده... انا على باب المدونة من بكره الصبح ان شاء الله... معايا مج النسكافيه المتين.. اللي قد الفيل.. وفي انتظار البوست الجبار

والنبي بقول شعر :))

على فكرة في تونس الشقيقة
تم عمل تحالف مكون من تسعة أحزاب ككتلة واحدة.. بمواجهة التيار الإسلامي
وكنت هاكتب بوست عن كده.. لكن دلوقتي انا هاقرا حداكم.. حتى ده توفير للحبر
لسه متأنثرة بحملة .. أحسبها صح :))

شمس النهار يقول...

وانا بقول لفتافيت خديني فريحك(فلاحي فلاحي يعني)

عارف ايه المشكلة ان اللي بيتكلموا عن الاسلام دلوقتي اغلبهم طالبي سلطة
وبيلعبوا بعقول وعواطف الناس زي الاستفتاء البسوه عبائة الدين

الاسلام به حلول للكثير الكثير من المشاكل المعاصرة
ولكن بالحوار البناء والنية الخالصة لله فقط وليس لشئ اخر

ونرجع ونقول الشيخ لايصلح ان يكون وزير سياحة مثلا
للشيخ عمله وللسياسي عمله وللأقتصادي عملة
ولكن الكل يعمل في اطار الشريعة الجميلة

GigiWorld يقول...

بصراحجه حضرتك رائع
زكلام منطقى جدا بعيدا عن الجدال الغير هادف


انا مع حضرتك ان الاسلام دين ودنيا ولايمكن ان ينفصل
والا هنبقى زي اللى تؤمنون ببعض وتكفرون ببعض وربنا قال فما جزاء من يفعل ذلك الا خزى فى الحياه الدنيا ويوم القيامه يردون الى اشد العذاب ومالله بغافل عما تعملون
كما ذكرت الايه الكريمه
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ


الشق الثانى المهم ان المدافع عن الاسلام الا من رحم ليس بالحنكه ولا الحكمه بل واحيانا يتسم ببعض الحماقه او قله الحجه بما يكفى ان يصبح ضد الاسلام وليس مدافعا


تحياتى لحضرتك
فى انتظار تكمله السلسله على احر من الجمر
تحياتى

ستيتة يقول...

يابيه
كيف اكتب بعد يا كبير
ها أنضم للأشاوس الكرام السابقين بالتعليق
واشوف الحيادية
بس عاوزة منك شيء في اخر الحلقات
تجيب لي مخلوق انوي نادر
طبق كل اللي انت ها تشرحه
وعمل دولة اسلامية حديثة
وحديثة دي ليست على اساس قوتها النووية ولا غنى اهلها البترولي
ولكن حديثة بمعنى
اتزان شعبها
بهجته
فخره الحقيقي مش تبع حزب صقف صقف بدل ما عبد الجبار يوديك ورا الشمس

يعني حط لي المشروع
وهات لي نموذج مش من الف سنة
وندرس كده ونشوف الغلط في المشروع؟ "مش ممكن"
ولا الغلط في السستم يا كوركات على راي الأسطى برايز


ملحوظة: انا بدون طول السنة زي المكنة
وعلشان كده لو دخلت الحملة دي ها اكون مفتعلة جدا ومش ها اقول كلمة مفيدة
فدعني اتمتع برؤية مدوناتكم منورة عندي في اول الريدر بعد طول الغياب

تحياتي وربنا يهدينا ياتامر
يارب

د/عرفه يقول...

إمممممممممم
فعل إحنا محتاجيين لتقليل الجدل والبحث عن الحلول

داخل المشروع الإسلامى الكثير والكثير من الحلول لأزمتنا فقط نحتاج المبتكريين والمجتهديين


وتقليل الجدل زى ما قولت


سعيد برجوعى للمتابعة المدونات مرة تانية

تامر علي يقول...

فتافيت
ده بعض ما عندكم يا فندم :)
وعلى فكره التكتلات المناوئة للاسلام ليست حديثة ففي كل مكان يتكتل الجميع ضد الاتجاه الاسلامي باعتباره "المخوفاتي"
ونحن من هنا نرفع شعار شركة المرعبين المحدودة " يا مخوفاتي نوّر حياتي " :)

تامر علي يقول...

شمس النهار
متفق مع حضرتك تماماً لكن فعلاً احنا معندناش نماذج لتفعيل الحلول وكلها خطابات انشائية مجوفه

تامر علي يقول...

GigiWorld

والله يا فندم في نماذج مشرفة ودائماً ربنا يقيض لنا من يثبتون الناس على الحق لكن مشكلتهم انهم خارج دوائر الضوء ويجب البحث عنهم لذلك فالمجال الاعلامي لايتسع إلا لنماذج غير مكتملة النضج
تحياتي

تامر علي يقول...

د/ ستيتة حسب الله الحمش
وليه نستنا في وسط الكلام ما نقول على طول :)
والله يا فندم حضرتك تعلمي انه منذ الحرب العالمية الأولى وانهيار كتلة الاسلام وسقوط الخلافة ودخولنا العالم الحديث في ذيل الأمم حتى الآن فعلاً لايوجد نماذج كاملة للمشروع وانا متفق مع حضرتك تماماً في ده ... لكن هناك اتجاهين حديثين في العصر الحديث هما إرهاصات ما قبل عودة المشروع الأول الاتجاه الذي تمثله السعودية وافغانستان وباكستان والذي يميل للمنهجية السلفية والنصية في تناول الاسلام وهو حتى الآن اتجاه غير ناضج وكثيراً ما يعبر عن الاسلام تعبيراً سيئاً وإن كنا لانتهم أحد في اخلاصه فالكثير منهم يتناول الفكرة باخلاص ولكن بفكر سقيم فتكون النتائج مبتورة .. أما الاتجاه الآخر فهو الذي تمثل في تركيا مع اربكان واندونيسيا مع مهاتير محمد والبوسنه مع على عزت بيجوفيتش وقد حاول هؤلاء تطبيق الاسلام بمفهومه الشمولي وهي تجارب مشرقة ومشرفة ولكنها غير كاملة وإن كانت تستحق كل تقدير واحترام وهي من وجهة نظري نواة الانطلاق بالمشروع الاسلامي للتطبيق الصحيح في حال ما إذا عملت ككتلة واحدة

بالنوسبة للتدوين اليومي ماشي سماح النوبه بس المره الجاية لاممكن تنزل الارض ابداً :)

تامر علي يقول...

د/عرفه
عوداً أحمد يا دكتور ونرجو من سيادتك عدم الانقطاع مرة اخرى وإلا ستواجه حملة شعواء من المطالب أمام المجلس العسكري وشوف مين اللي هيقف في صفك ساعتها :)))

وندعوك من هنا للعودة للتدوين والمشاركة في الحملة معنا
ونحن لانقبل الاعذار إلا لو في معاها شيكات باليورو

r يقول...

جميل الكلام دا جدا وخاصه انه جاى مع تفكير هذه الفتره تحديدا فماذا يريد فعلا الاسلاميون؟؟ انا اعرف فعلا

متابعه

Unknown يقول...

السلام عليكم أخي تامر

تأييد من أول البوست لغاية هنا:
"لذلك فلم أسمع حتى الآن من أي فصيل ديني عن الحلول المقترحة والتي يزخر بها الاسلام للخروج من الأزمات الطاحنة الحالية"..

بما أنك لم تسمع، فدعني أسألك: هل قرأت برنامج حزب (الحرية والعدالة) كنموذج يمكن البدء به، لأنه بالفعل يقدم مشروع.. حتى أن يسري فودة كان منبهرا وقال: والله لو هتعملوا الكلام ده بالشكل ده دانا أحطكوا فوق دماغي.

من باب فقط أن أوضح أن هناك مشاريع (وليس مشروع) ولكن بالتأكيد لا شيء مثالي (ومن غير الصواب أن نتصور هذا) خاصة أن الاحتكاك بعالم التطبيق هو الذي يصقل التجربة.

طبعا أنا أجيبك عن مصر.. بينما يمكن متابعة النموذج التركي، فهو ثري للغاية، وقوته وثراؤه تكمن في قدرته على العمل في بيئة من اشد البيئات العلمانية تعصبا.

تحياتي ومتابع بالتأكيد.

عمرو يسرى يقول...

اتفق معك ان الاسلام دنيا ودين لان الاسلام وجميع الاديان نزلت لتكون مبدا يمشى عليه الانسان فى دنياه فالاديان نزلت اساسا لتكون منهج الانسان فى الدنيا يعنى الاسلام اصلا دنيا قبل مايكون دين
عجبنى مكر السوال بتاع هل يستطيع ربك أن يخلق مثله ؟
وعجبنى مكرك بتشبيهه بالاسئله بتاعت
هل يقبل الاسلاميون بوجود رئيس غير مسلم؟ما موقف الاسلاميون من المرأة ؟ما موقف الاسلاميون من تطبيق الحدود؟ما موقف الاسلاميون من الفن والفنانين؟ثم نناقش لائحة الاتهامات للاسلاميون وإقصاء المخالف الاسلاميون والتعصب والتشددالاسلاميون واحتكار الاسلام

وبالطبع لا يوجد وجه للشبهه بينها
ولكن قد تكون الاسئله بينها وجه شبه فى نظر الاسلاميون من ناحيه الصعوبه لانهم لم يقدروا يفصلوا بين الاسلام وبين مايريدونه من وراء الاسلام لم يستوعبوا انهم ليسوا رسل وليسوا هم الاسلام لا يقدروا على فصل مايدعوا اليه الاسلام وماتدعوا اليه افكارهم _ الا القليل منهم اذا وجدوا_ فعندما تعترض على راى لهم يقولون انك تعترض على الاسلام طب دا كلام ولا ديه طريقه مناقشه
فى اعتقادى ان المشروع الاسلامى الصحيح لدوله اسلاميه هو ان الناس تتعلم الاسلام وتبداء تتعامل بسلوكيات الاسلام فيكون الاسلام دنيا ودين
وليس ان يحكمنا اشخاصا تدعى انها مسلمه وانها تتبع نهج الاسلام
اسعدنى دخولى مدونتك عجبنى كلامك وفى انتظار باقى البوستات للتعرف على المشروع الاسلامى
تحياتى

Omar يقول...

بصراحه مقدرش اقول غير انك سبتنى وماشاء الله عليك وعلى تفكيرك بجد كلام موزون وكويس جدا ويارب تكملنا الموضوع كله ان شاء الله