السبت، يناير 30، 2010

على كل أرض تركنا علامة ....ومرت الأيام



بعدما مر أول أيام العسكرية كئيباً مريباً عصيباً صحوت من النوم على صوت تخبيط جسم معدني على أحد الأعمدة وصيحات الوجوه العكرة من صف الضباط وكان علينا أن نتوائم لبقية الأيام مع الآتي ..وقد كان ..لايوجد نور في المعسكر وعليه فيجب التعايش مع الكائنات الأخرى الأليفة مثل الفئران الصحراوية والكلاب الجبلية .. وللحق فقد كانت الأخيرة أكثر حياءً وأقل صفاقة من الفئران التي كانت لاتتورع عن اقتحام أي شيء في سبيل الحصول على الطعام والمرح في الظلام , لذلك فقد كان علينا لف أجسادنا جيداً بحيث لايبقى منفذ لفأر ليقتحم خصوصيتك ويفسد عليك سعادة النوم الذي يقطع الوقت , هذا بالإضافة أنه لايوجد ماء اللهم إلا صنبور صغير على بعد كيلو من مكاننا وكنا نذهب لنملاء كوب من الماء كل صباح للوضوء وربما الشرب أيضاً تحت شعار "الجيش بيقوللك اتصرف " , هذا بالإضافة إلى أنه لايوجد حمامات وعلى من يرغب في قضاء الحاجة أن يذهب للخلاء ويقضي حاجته في العراء
- على جثتي
هكذا هتفت عندما قالها لي أحد الجنود عندما سألته عن مكان الحمامات وقال لي أن أذهب للأرض الفضاء وظللت لفترة 7 أيام دون دخول الحمام حتى حانت اللحظة الحاسمة ولم يعد هناك إمكانية للهرب من الواقع الأليم فكل إنسان يجب في النهاية أن يقضي حاجته شاء أم أبي , تلك هي طبيعة البشر
وانطلقت أبحث عن مكان مناسب ولا أكتمكم سراً إن قلت أنني لم أكن لأذهب للأرض الفضاء لأي سبب إلا لأنني لم أفعلها من قبل وكانت الفكرة غير مقبولة إنسانياً من طرفي فلطالما لعنت من يفعلون ذلك في طريق الناس فكيف أفعلها أنا ولو في الصحراء حيث يمكن لأحد الكلاب أو أبناء آوى أن ينبش الأرض ,لذا لم يكن لي خبرة بهذا الأمر وياليتني كنت أعرف ووفرت على نفسي المعاناة , ذهبت أبحث عن أي مكان كالملهوف وبعد بحث ما يقرب من ساعة قال لي أحد الجنود أنه يوجد مسجد في آخر المكان فهرولت حيث أشار وفعلاً وجدت المسجد وتهلل وجهي عندما رأيت دورة مياه ملحقة به ولكن ما إن دخلت حتى هالني ما رأيت ... فقد كانت أرضية المكان ملوثة جداً لدرجة عدم وجود موضع لقدم بالداخل والمكان يبدو أنه مهجور لسوء الإستخدام ولم أفكر طويلاً لأنه لايوجد حل آخر سألت هل يوجد ماء هنا فأشار لي أحدهم أن نعم هناك فقررت تنظيف هذا المكان ليصلح للإستخدام الآدمي .... وأخضرت الماء ووجدت شفاط بيد طويلة كقامة إنسان معتدل الطول وبدأت في التنظيف لمدة ساعة ولا استطيع وصف ما حدث لأنني لا أريد التذكر ولكن بعد ساعة كان المكان نظيف وكانت أول مرة استخدم فيها الحمام ذو المسمى ""بالبلدي" وبعدها أحسست بكم الغباء الإنساني الذي كنت فيه والذي جعلني أعاني الأمرين من أجل أفكار حمقاء في رأسي فأي مكان يصلح لذلك ولايوجد ما يشين المرء في ذلك والرمال تستطيع دفن البشر فما بالنا بجزء صغير من البشر
الجزء المهم أن عدم وجود الماء يعني عدم الاستحمام أيضاً وهو ما يجعل المرء يراجع حساباته بعد فترة ويحاول أن يجد مخرجاً من ذلك ... سألت المجندين عن حل المشكلة فأجابوا بأن المشكلة حلها بسيط فبالقرب من الجزء الخلفي يوجد "فناطيس" بها حل المشكلة وعندما ذهبت للمعاينة هالني ما رأيت فقد كان الشباب يقسمون أنفسهم قسمين , قسم فوق الفناطيس ممسكين بأوعية الماء ويقومون بصبها من ارتفاع كبير على الفريق الآخر الذين قد تراصوا تحت الفناطيس وهم "يتليفون" بالصابون كيوم ولدتهم أمهاتهم
طبعاً على الرغم من الحاجة الماسة للإستحمام فلم استطع الإنخراط في هذا العمل بهذا الشكل أبداً وفكرت أن أرتدي "المايوه" واقف معهم ولكن أحد الشباب نصحني بعدم فعل ذلك حتى لا يساء فهمي بين الجموع فسوف أكون نغمة نشاز وسط المستحمين
وبعد يومين من حادثة احمام منّ الله علي بنعمة "الهروب " لفترة سواد الليل من المعسكر وسط بعض الشباب الجريء الذين قرروا الهرب لمدة الليل للاستحمام وتناول وجبة ساخنة والإستمتاع بالحمام الدافيء والنوم ولو لمدة ساعة في فراشك الخاص والرجوع قبل الفجر خلسة قبل الطابور الصباحي ... وفعلاً هربنا بعد الطابور المسائي مباشرة وخلال ساعات قليلة كنا في بيوتنا
عندما دخلت المنزل أحسست بنعمة الله التي نتقلب فيها كل يوم ولا نحس بها لاعتيادنا عليها
قبلت "قاعدة الحمام" وقبلت "البانيو" وقبلت الفراش والأغطية وقبلت جدران المنزل التي تحمينا من الفئران والكلاب ومن اقتحام الآخرين لخصوصينا وعرفت الفرق بين التعامل القاسي للأهل في بعض الأحيان معنا لحرصهم علينا وتعامل آخرين لايأبهون حتى لمجرد وجودك في الحياة من عدمه ولا تساوي عندهم حتى الصفر الرقمي وأنك قيمتك في الحياة غير موجودة في حقيقة الأمر إلا عند الله إن كنت صالحاً وعند أعزائك وذويك سواء كنت صالحاً أم طالحاً
هذه المعاني لايمكن ادراكها إلا بالتجربة فأنت تدخل الحمام بالسليقة ولم تفكر انه نعمة قد تحرم منها وتتبجح مع أهلك أحياناً نظراً لقيمتك لديهم ولا تدرك أنه قد يأتي يوم تتعامل فيه مع آخرين لاتستطيع ان تفعلها معهم أبداً وهم أحقر ما يمكن أن يكون فأي منهما يستحق صبرك واحترامك وحسن معاملتك؟؟؟ ... للأسف كلنا نختار الإجابة الخطأ
كل ما مضى كنت أعده من حسنات العسكرية ولقد استفدت منه حقاً وكنت على اتم استعداد لتحمل اضعافه وأكثر من قسوة الظروف لولا شيء واحد هو سوء المعاملة والكراهية المفرطة الواضحة في تعامل الشخصيات الكريهة المصاحبة لتلك الظروف
لذلك فقد تجمعنا يوماً وذهبنا لضابط توسمنا فيه شيء من العقل وسألناه في ساعة صفاء ... لماذا يتم التعامل معنا بهذا الشكل ؟
فأجاب أن مهمتهم نقلنا من الحياة المدنية للحياة العسكرية وتأهيلنا لمواجهة أقسى الظروف في حال الحرب أو الأسر أو أو ومهمتهم ليست "علف" المجندين ولكن اطعامهم ما يجعلهم على قيد الحياة
واقتنع البعض بالإجابة المنطقية أما أنا فلا ولم أقتنع حتى تاريخه لأسباب يطول شرحها وأولها أن هؤلاء الأشخاص المسئولون عن تدريبنا قد حظوا بكراهيتنا لدرجة أننا "وبالإجماع " لو شاهدناهم في ظروف حربية سنقتلهم قبل الأعداء ... وقد يظن البعض أن هذه مبالغة مني ولكن استحضار مشهد هؤلاء الكائنات التي لايخلو فمها من سيجارة وسب الدين طوال الوقت وتطفح وجوهها بالكراهية والحقد يحول المبالغة لواقع ملموس
لذلك فقد استطعت التأقلم مع كل الظروف سوى الوجود مع هذه الشخصيات النكدة في مكان واحد وهو ما كان يؤرقني طوال الوقت
ومرت الأيام عل هذا النسق وكلما سألنا أحد عن ظروفنا الحياتية وهل يوجد حمامات مناسبة أجبنا بشطر من نشيد الجيش "على كل أرض تركنا علامة"
بعد فترة انضممت للسرية الرياضية لتدريب المجندين على بعض حركات الكاراتيه استعداداً لعرض عسكري منتظر ستحضره شخصيات قيادية كبيرة ووعدونا أننا بعده سنحصل على أجازة كبيرة وكان بعد أكثر من شهر قضيت معظم وقته في تدريب المجندين ذوي الأذهان النيرة على حركات الكاراتيه والدفاع عن النفس آملاً في الأجازة الطويلة وعليه فلم يتم توزيعي مع اقراني على الوحدات وقضيت فترتين اضافيتين استعداداً للعرض العسكري الذي تم أخيراً بنجاح وكان آخر مشهد به هو مشهد الجنود وهم بلباس العسكرية الغير مناسبة تماماً في صف طويل يقومون بحركة واحدة وهي ترديد اسم السلاح بقوة ترج المكان مع خطوة عسكرية قوية ترتفع معها الركب حتى البطن مما أدى لتساقط السراويل لمعظمنا من فرط الانفعال وضج الجميع بالضحك في حضور القيادات في مشهد مأساوي ساخر جداً يعكس المقولة الشهيرة "الجيش تهريج منظم"
بعد فترة قليلة حملت لقب دكتور ... ولكن هذه الخاتمة القادمة 

الاثنين، يناير 25، 2010

على كل أرض تركنا علامة ...(45×3).. المأساة




في رمضان تتزايد الفرحة والبهجة والجو العائلي اللطيف والنفحات اللذة الحسية والروحية بالعبادة والأكل والشرب .... أما ما حدث في أول أيام التجنيد بعد يوم شاق من التمامات والطوابير والسفالات التي لاتنتهي من مخلوقات قميئة تسمى "صف الضباط" وهم أشخاص فشلوا في حياتهم ولم يبرعوا في مهنة ولم يفلحوا في التعليم فلم يجدوا من يقبل بوجودهم سوى العسكرية ...وحل الليل بعد يوم عصيب ووقفنا أمام "الميس" وهو مكان تناول الطعام للعسكريين وكان عددنا كبيراً وقد استبد بنا الجوع والتعب وكنا على استعداد لأكل أي شيء وإذا بنا نتأخر نظراً للأعداد الكبيرة حتى بعد العشاء في طوابير أمام "الميس" وبعد أن دخلنا وجلسنا وجدت أن الطعام عبارة عن كسر أرز وطبيخ لونه أسود قيل لنا أنه "خبيزة" ولأني لا أعرف الخبيزة فقد تناولت ملعقة أرز ولم أكمل بعدها ولأنه ممنوع الإنصراف إلا بعد الإنتهاء فقد ظللت أستمع لشتائم صف الضابط المسؤل طوال الوقت ولا أدري سبباً لهذا الكم من السباب والشتائم المتتابعة التي كان يصبها علينا هذا الكائن حتى الآن وبعد الإنصراف تم توزيعنا على أماكن أشبه بالخرائب لايوجد بها أي شيء سوى الغبار ...قيل لنا أن السرر في الطريق وكذالك المراتب ولم يصل شيء فقيل لنا أن يذهب كل منا لمكان الكهنة ويحضر سرير مؤقتاً ومرتبة ... وكانت المحصلة أن ظللنا حتى منتصف الليل في نقل هذا الحطام وكونا منه ما يشبة السرر وفرشنا عليه مناشفنا وقيل لنا ان الطابور الصباحي سيبدأ في الخامسة أي بعد 4 ساعات من هذا الوقت ... ليلتها لم استطع النوم وخرجت أبحث عن شيء يؤكل  ولم أكن أعرف أي شخص في المكان فسألت عمن يبيع الطعام فقيل لي في "الكانتين" بالقرب من نهاية المكان وكانت المسافات شاسعة جداً في هذا المكان فسرت في الإتجاه حتى وصلت للمكان فكان الكانتين يبيع فقط "السلامون والفطائر قديمة الصنع وعصائر ذات عبوات صفيحية صدئة" هذا كل المتاح فأحضرت فطيرة وعلبة عصير وجلست في مكان موحش وحيداً غير مصدق ما أنا فيه فبالأمس فقط كنت مع الأصدقاء نلعب البلياردو ونأكل من أفضل الأماكن ولا يستطيع شخص مجرد  النظر لنا بسوء لأننا كنا في عنفوان الشباب وأقلنا بطل رياضي منذ زمن بعيد ... ماالذي حدث ؟؟ هل هذا حلم .... أحسست بمعنى القهر والوحدة والصغار ولم استطع أن أمنع نفسي من البكاء للحظة فالمكان يسمح بذلك جداً فأقرب شخص على بعد أميال ولا توجد كهرباء والبرد قارص ولا أحد يعبأ بشيء أصلاً ... تذكرت في تلك اللحظة أن الأيام دول وأن من سره زمن ساءته أزمان وإن كنت أعرف ذلك قبلاً بالوهم فقد عرفته فعلاً وهنا عرفت الفرق بين ذاق ومن سمع ولكني قلت لنفسي أن هذا الأمر سينتهي عاجلاً ان شاء الله فكل الأمر 45 وأربعون يوماً هي عمر مركز التدريب وبعدها سنجد مخرجاً من هذا الوضع ... لم أكن أعلم حينها أن ال45 يوم ستكون 135 يوماً بالتمام والكمال أي سيكونوا 45×3 ومضى أول يوم لي في العسكرية غير مأسوف عليه.

الاثنين، يناير 18، 2010

على كل ارض تركنا علامه




الزمان : شتاء عام 1997 المكان : طريق مصر الفيوم الصحراوى فى قلب الصحراء



الابطال : اشخاص مجهولى الهويه الحدث : تأديه فترة التجنيد






فى ليلة السابع من يناير عام 97 كنت استعد للسفر لتأدية فترة تجنيدى ولم يكن معى فى تلك الرحله من دفعتى ومعارفى اى شخص وذلك لاننى تخلفت فى الدراسه فسبقونى وتكاسلت فى التقدم للتجنيد فأخذت دفعتى بالكامل تأجيلات ثم عفو عدا (المتخلفين) وكنت الوحيد للاسف ...وهناك على رمال( دهشور) ...ومن بعدها رمال جبال (حوف)حدثت تلك المأساه ....ليلتها احسست باحساس مقبض ..كانت تغنى فى الشوارع اغنيه تقول 
unbreak my heart
 كانت تشعرنى اننى مقدم على مأساه وكنت اسمعها اينما ذهبت ..فى الشوارع والمقاهى والاسواق فقد كنت اودع الاصحاب متوجساً مما انا مقد م عليه ....وكان توجسى فى محله..


استيقظت من النوم قبل الفجر وأخذت أرتب فى أشيائى في انقباض وتوجس امتزجا بتوتر خانق ..وودعت إخوتي في عجلة (حيث كانت أمي تؤدى العمرة مع أخى وأبي في سفر داخل البلاد) واصطحبت صديق لي وذهبت معه إلى محطة القطار الخاصة بالمجندين ....لا أدرى ما الذي كان يدر حولي ..ولم أسمع كلمة رغم الضجيج الذي يصم الآذان حتى همهمة الصديق المشفق عليّ (لمعرفته بي جيداً ) محاولاً التخفيف عني لم أكن أسمعها ..لقد كنت كمن يساق إلى منصة الإعدام بلا وعي...وانطلق القطار ....كئيباً...وحيداً ..شريد الذهن كنت خلال الرحلة ...مقبل على المجهول ..كل ما كان يدور في نفسى وقتها "لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين" ظللت أرددها خلال الرحلة وقد ذكرتني محنتي بمحنة سيدنا يونس وحيداً فى بطن الحوت..كان القطار يمشى وسط الزراعات طوال الفترة ..مناطق من الجمال الطبيعي لم أرها من قبل ..وظل الحال هكذا ....وفجأة ودون سابق إنذار أو مقدمات دخل القطار إلى قلب الصحراء في مشهد درامي لاتسبقه أي نذر..وكاد يغشى عليّ ...تماسكت وظللت أنظر فيما حولى كمن يشاهد كابوساً لايدري متى ينتهي ...كنا بالملابس (الملكية) هكذا يسمونها فى الجيش ..قطيع من الشباب فى منتصف العشرينات دخلنا الى المعسكر بعد وقوف فى طوابير لا أدرى سببها (لقد كان كل شخص يمر بنا يأمرنا أن نقف طابور و(نحاذي) ثم نسأل عن هذا الشخص ولا من مجيب حتى انتصف النهار وكل شغلنا هو الطوابير (والمحاذاة )...بعدها انتقلنا إلى قيادة شخص عكر الوجه والمزاج يسمونه (صف ضابظ) أى أنه من رتبة (رقيب) حتى( صول) مروراً برتب لاادري كنهها ..كل الذي أدريه أننا كنا في رتبة أقل من كل الرتب الموجودة لأن الجيش يعامل الناس حسب الأقدمية  وهذا الصف ضابط في منزلة بين المنزلتين كالبغل بين الحمار والحصان ونحن لازلنا حديثي عهد به وكانت رتبتنا كرتبة (الكائنات وحيدة الخلية كالهيدرا مثلاً) فى مواجهة رتب أعلى (كالجوف معويات) أو ما شابهها..قادنا هذا العكر إلى مكان فسيح وسلمونا (المخلة) وهي عبارة عن شوال كبير يتسع للملابس الكاملة الخاصة بكل مجند وظل الكائن العكر يردد على أسماعنا محتويات المخلة وهي ...عدد 2 طقم ملابس داخلية (وأطلق عليها العكر اسم لباس وفالنّه ) لا أدري لماذا و2 شراب ميري و2 منديل و (فالنّة ضرب النار ) وبياده (شىء ما مثل السيفتي ولكنه يختلف من حيث التكوين) وحذاء وزى الفسحة وهو ما يلبس في الأجازات  وسترة وهي ما يلبس في النصف الأعلى  و(منطلون) هكذا اطلق على البنطال و قايش (هكذا اطلق على الحزام ) ...ثم أخذ يردد اخلعوا ملابسكم الملكية والبسوا الميري ... اللى معاه حاجه زياده يجيبها (..الزياده فى الجيش معنتها حرامى ...والنقص هاتتحاسب عليه) ثم اخذ يردد العباره الاخيرة بلهجة قروية حاول تشويهها بقدر استطاعته ..حتى اصبحنا جميعاً نمقته ...ونظرنا حولنا فاذا بنا قد تحولنا إلى (عساكر) في لحظة ..وسمعت كلمات مثل (البنطلون مش مقاسى... ايه الهباب اللى احنا لابسينه ده.. جايبين لنا هلاهيل نلبسها) ثم ما لبست الأصوات أن خفتت وجاء صوت العكر أن مفيش أجازة (تقييف) التقيييف هو تعديل الملابس حتى تناسب صاحبها وفى الماضى السعيد كانت هناك اجازه يومين لهذا الغرض ..بعدها اصبحت مناظرنا فى الزي قادرة على إضحاك مرضى الاكتئاب المزمن حتى الموت ..وحانت لحظة الغروب بعد يوم أشق من الشاق (وكنا فى رمضان وقتها ) واصطحبنا العكر للإفطار ..ولكن استوقفنا رئيس الامن وعرفنا بنفسه وقال لنا بعض الارشادات الأمنية وأخبرنا عن حكاية  ( يوم فى حياة مجند) حيت يصحو المجند السعيد من النوم مبكراً على صوت تغريد البلابل ويذهب لتناول الافطار فى (الميس) مكان الاكل ثم يذهب لطابور اللياقه فى سعاده ثم (يرتاح قليلا) ويستعد للطابور الصباحى التدريبى ثم (يرتاح قليلاً) ثم يذهب لطابور الظهيره ..ثم يذهب للافطار معززاً مكرماً ..ثم طابور مسائى فقط للتمام (التأكد من ان احداً لم يلق حتفه بعد) ..ثم يذهب لينام قرير العين جزلان...استبشرنا خيراً بكلام الرجل وظللنا نمنى النفس بمتعة الاقامه فى هذا المكان (الفرنسى الايحاء مثل صابونة كاماي ) وذهبنا لتناول الافطار فى (الميس ) وهنا بدأت القصه الحقيقيه..فكل ما سبق كان خيالاً ووهماً من صنع رئيس الأمن الكذوب بحكم وظيفته رومانسيا كحلم جميل نسجه خيال عذراء لم تدنسها يد الخطيئه بعد:)


وهنا بدأت المأساة....
يتبع





الأحد، يناير 10، 2010

رســـــــــــــــــم الكلمـــــــــــــــــــــــــات




اذا استمتعتُ منك بلحظِ طرفي  




            حيا نصفي ومات عليك نصفي                                                                                                        
تلذّذ مُقلتي ويذوبُ جسمي   




 وعَيشي منك مقرونٌ بحتفي  




فلو أبصرتني والليلُ داجِ




وخدّي قد توسّط بطنُ كفّي




ودمعي يستهلُ من المآقي




إذاً لرأيتَ ما بي فوق وصفي

السبت، يناير 02، 2010

الملك والمحظية




بالأمس القريب دعيت إلى فرح أحد أصدقاء العمل وهي مناسبة لا تتكرر كثيراً نظراً لظروف البلاد والعباد التي لا تخفى على أحد ولكن ما جرى في هذا اليوم لم يكن ليجول بخاطري أبداً .... واعترف في بداية الأمر أن حضور مثل تلك المناسبات لهو أمر ثقيل جداً على نفسي سواء في مناسبات الأفراح والليالي الملاح أو مناسبات المواساة وتقديم التعازي (الشكلية) وبناء على ذلك فكثيراً ما أذهب لتلك المناسبات في حالة من (الزهق ) المسبق لأنني لا أحب أن أري التكلف الاجتماعي بصوره المستفزة ... ولكن ما أرغمني على حضور ذلك الحفل هو الإلحاح الشديد (غير المبرر) للصديق وأني أعلم أنه (شبه ملتزم) مثلي تماماً فلن يكون حفلاً ماجناً صاخباً يصم الآذان ويعمي القلوب ... أي أنه سيكون أقرب للفرح (الإسلامي) كما يحب البعض أن يطلق عليه


وذهبنا تقريباً بعد الموعد المحدد بين صلاة المغرب والعشاء ونظراً لبعد المسافة وطولها وازدحام الطرق كانت العشاء قد انقضت وأغلقوا المسجد لسبب مجهول وتفقدنا مكان الحفل فوجدنا دار مناسبات ملحقة بالمسجد عجيبة الشكل ذكرتني بفصل 4/1 في المدرسة الابتدائية حيث أن الكراسي على شكل (دكك) ويوجد صف زينة على هيئة (كرانيش) بلون فاقع معلقة من ركن القاعة لركنها الآخر وكأنهم لم يجدوا أحداً (يلموا منه ثمن الزينة) كما كانوا يفعلون معنا في الصف الرابع الابتدائي .


وهناك وجدنا رجلاً غريب الشكل سلم علينا في حماس غريب لا يتناسب مع سنه وقال لنا


- انتم أصحاب حماده


- لم نكن نعي أي حماده يقصد لكن بما أن صديقنا اسمه محمد فربما يعني بحمادة دلع محمد فأجاب أحدنا ... نعم نحن أصحاب محمد


- أجاب بلهجة حماسية مبالغ فيها وكأنه ينهرنا .... اتفضلوااااااا....


- فوجئنا بحدة النبرة ولكن لم نعلق وقلنا له سنذهب للوقوف (في الطراوة بره) مع أن الجو بارد جداً


كان معنا أصدقاء منهم الصالح والطالح فمثل هذه المناسبات يدعى إليها الصالح والطالح .... وبعد فترة انتظار ليست بالقليلة بدأ المدعوين بالتوافد على الحفل شيئاً فشيئاً .... ووصل بعدهم بقليل صديقنا المدعو "حمادة" وسلم علينا ووقفنا أمام القاعة نتبادل التهاني


_ مين الراجل ده يا "حماده " (أنا مشيراً إلى الرجل اياه الذي نهرنا في القاعة)


_ مش عارف . أجاب "حماده" وعلى وجهه ابتسامة خفيفة


_ عارف يا " حماده " الراجل ده لو طلع قريبك يا حبيبي مش هاعرفك بعد كده


_ والله أنا خايف يكون حماه وبيخبي علينا (صديق رقم 1)


_ مين المُزه دي يا "حمادة" (صديق رقم 2 (بايظ) مشيراً لفتاة تقف في الجهة المقابلة مع شاب


_ دي خطيبة أخويا ( أجاب حماده بهدوء يحسد عليه)


_ ومين الشتحف اللي واقف معاها ده (صديق رقم 2 البايظ برضه)


_ ده أخويا (أجاب حماده بنفس الهدوء)


_ طيب ما انتو في عيلتكم ناس فريش أهه أمال في إيه اشمعنى انت اللي خنقه كده (صديق رقم 2 البايظ)


_ مين اللي عزم الكلب ده ؟؟ (أنا مشيراً إلى الصديق البايظ ) ..... انت جاي تبصبص في فرح اسلامي يا جزمة قديمة ؟؟ مش مكفيك الهلس في كل حالاتك جاي تكمل هنا وبعدين يعنى ايه شتحف دي؟


_ أنا اللي عزمته ( أجاب "حماده " وعلى وجهه نفس الإبتسامة )


_ خلاص يا خويا منك ليه أهو خدها ومشيوا .... أنا قلت الجو الخنقة بتاعكم ده مينفعش برضو (صديق 2 البايظ)


_ ادخل القاعة ياض ..... انت هاتفضحنا لو وقفت هنا دقيقة واحدة في ستات داخلة القاعة بتاعتهم (صديق 1)


دخلنا القاعة وجاءت قرعتي بجانب صديق 2 البايظ


- كويس انك جيت جنبي علشان انت تنفع مخدة وانت زي البغل كده ... أنا هنام على كتفك شويه وابقى صحيني لما الحفلة تنتهي


- ماشي ...... وبعد قليل جداً ........ قوم اصحى ... الراجل اياه ماسك المايك الظاهر انه هيقول حاجه


- مش مهم لما يخلص صحيني


- وقف الرجل قليلاً يحاول اصلاح المايك وأثار ضجيجاً مزعجاً لبعض الوقت ... وبعد فتره بدأ بالكلام فعلمنا أنه سيقوم بدور مقدم برامج الحفل .... علمنا من كلامه أنه لم ينهرنا وإنما تلك هي نبرة كلامه الطبيعية .... رأينا "حماده" العريس قادم من بعيد وجلس بجوارنا كالمدعوين وأخذ يتابع فقرات الحفل من على كراسي المتفرجين


- إيه يابني فين المأذون والحبشتكنات دي ؟ (صديق 2 البايظ)


- أصل احنا كتبنا امبارح خلاص النهارده اشهار بس ... مش شايفني داخل مع العروسه في ايدي ؟ يعني هاخدها في ايدي واحنا لسه مكتبناش ازاي بس ؟ انت مبتفهمش ؟؟


- وإيه يعني أنا كنت خاطب وكنت بب....


- ششششششششششششش الله يخرب بيتك هتفضحنا وتخلي الناس ترمينا بره مش وقت القرف ده هنا (أنا واضعاً يدي في فم صديق 2 البايظ )


- ده بيقولك الفرح خلص خلاص وجايبنا النهارده علشان يشهر بينا


- يشهر بيك إيه يا جاموس ابيض ... اسمه اشهار يعني علشان الناس تعرف ويبقى فرح .... هو فرح عادي بس عملوا الاجراءات خلاص امبارح علشان يقعدوا براحتهم في الفرح (أنا شارحاً الموقف للبايظ)


- وهم كده قاعدين براحتهم ماهو العريس متلقح معانا زي أي معزوم حقير في الفرح هههههه


- أنا هستأذن آخد الكلب ده وأمشي يا "حماده" علشان ميبوظش الفرح ... معاك عربيه يالا (أنا في نفاذ صبر)


- أيوه يا بينا انتوا خنقة أصلاً


- أقعد يا أخي تمشي إيه بس هو لسه الحفلة بدأت ؟


- بدأ الرجل بتقديم الحفل وجاء شاب صوته رخيم قرأ شيئاً من القرآن بصوت جميل .... فاستبشرت بأن باقي الفقرات ستكون جذابة


- الواد ده صوته حلو ( صديق 2)


- خليك في حالك (أنا)


- والآآآآآآآآآآآآآآآن مع الشيخ محمد قالها مقدم البرامج بنفس طريقته المعهودة


صعد شاب عليه وقار وجلس وتناول المايك وبدأ في الكلام بعد أن نظر إلينا طويلاً نظرة ملؤها الريبة وقال


- طبعاً ياجماعة أهم شيء في الزواج هو الاختيار الصحيح وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم "اااااااااااا


وسكت ما يقرب من دقيقة وهو ينظر إلينا .... لا أدري هل ليتذكر الحديث أم ليتأمل وجوه الحضور ثم قال حديثاً آخر لاعلاقة له من قريب أو بعيد بالزواج لدرجة أني لا أتذكره ... قد يكون في الصيام أو الحج .. ثم حاول الربط بين الحديث الذي ذكره وبين الزواج بالمثال التالي


- يحكى أن ملكاً كانت له محظية ...


- يعني إيه محظية (صديق 2 البايظ)


- ششششششششش خلينا نسمع الراجل ده بيقول إيه


- هو محظية دي زي فوزية كده ولا إيه ياجماعة حد يفهمنا (صديق 1 عبيط)


- بس يا جاموس بري منك له محظية دي يعني عشيقته ... اخرسوا بقى شويه ( أنا وقد استبد بي الغضب من الحضور لهذا الفرح أساساً )


- استطرد الشيخ قائلاً .... وكان هناك صياداً أراد أن يقدم هدية للملك فأخذ سمكة كبيرة وطرق باب الملك فأعجب بالسمكة كل من في القصر ولما دخل على الملك أعجب الملك بالسمكة وأعطى الصياد 800 دينار ذهبي


- ليه هو الملك ده أهبل ولا إيه عمره ماشاف سمكة قبل كده يعني (صديق 1 )


- شششششششششش استنوا اما نشوف بس ايه علاقة السمك بالزواج على الله ما يطلعش زي ما في دماغي (أنا في نفاذ صبر)


- استطرد الشيخ قائلاً .... وبعد أن مشي الصياد صرخت المحظية وقالت للملك لماذا تعطي الصياد 800 دينار على هذه الهدية المتواضعة انه لايستحقها هذا كثير لابد من استعادة ال800 دينار منه


- ايه المحظية الشلق دي ... دي ناقص تقوله هات 3 دينار وأنا انزل حلقة السمك أجيبلك سمكة تضربها بالجزمة وعليها 2 كيلو جمبري وكبلو سبيط هدية (صديق 2 البايظ)


- هي خايفه على فلوسه قوي كده ليه ؟؟؟ هي محظية بروح امها ولا مراته ؟؟ دي حياالله محظية (صديق 3)


- استنوا بس يا جماعة لما نشوف يمكن يقولها انت خايفه على فلوسي يا (محاظيظو) طب والله لاتجوزك وتبقى دي علاقة الحكاية بالزواج ونبقى خلصنا ( أنا وقد بدأ الموضوع يشعشع معايا)


- استطرد الرجل وقال ... وقال لها الملك وكيف نسترد منه ال800 دينار ؟ قالت له نحضره ونسأله هل السمكة ذكر أم انثى فإن قال ذكر قل له أنا لا آكل إلا الاناث من الأسماك وإن قال لك أنثى قل له أنا لا آكل إلا الأناث من الأسماك ورد له السمكه وخذ ال800 دينار فقال لها حسناً ... واستدعى الصياد وقال له هل السمكة ذكر أم انثى ؟ فقال له الصياد ..إنها خنثى .... فأعجب به الملك وأعطاه 800 دينار أخرى ..... فولولت المحظية وشالت من الأرض وحطت على دماغها


- يعني ايه خنثى ؟ وإيه علاقة الموضوع ده بالجواز ؟ (صديق 3)


- قصده يقول اتأكدوا من العريس يا جماعة بس بيقولها بالمستغطي ( أنا وقد بدأ النعاس يدب في رأسي)


- بجد خنثى يعني ايه ؟


- أسأل العريس


- شوف الصياد (الصايع) عرف الملعوب وخد احتياطاته من الوليه المحظية القرشانه (صديق 3)


- استطرد الرجل قائلاً .... وبعد أن أخذ الرجل ال800 دينار سقط منه دينار على الأرض فأخذه بسرعة وانصرف ... فقالت المحظية بعد أن ولولت .... استدع الرجل وقل له انك بخيل ولم تترك حتى الدينار الذي سقط منك وجزاء لبخلك وشحك سنأخذ منك ال1600 دينار .... فكر الملك وقال استدعوا الصياد بسرعة .... ولما خضر الصياد سأله لماذا لم تترك الدينار الذي سقط منك أيها الصياد البخيل الشحيح أليس معك 1599 دينار أخري ؟


- قال الصياد أيها الملك الكريم ... لقد رأيت صورتك الجميلة على الدينار (فخفت أحسن حد يدوس عليها ولا حاجه ) فأخذته بسرعة حرصاً على صورتكم البهية .... فأعجب به الملك وأعطاه 800 دينار أخرى


- بااااس أنها فهمت الموضوع ....( المحظية هاتقوله خلاص سيبه يمشي خلاص لحسن انت ملك عبيط وهتخلص الفلوس اللي حليتنا على الصياد ده ومش هنلاقي ناكل وهرجع اشتغل خياطه تاني ... سيبه مش عاوزين نشوف وشه تاني ... وبعدين تروح تتجوز الصياد وتلهف منه ال2400 دينار فيعجبها الجواز وتتوب وتقول يا محلا الجواز وهي دي حكمة القصة ) (أنا وقد بدأت أنام بالفعل)


- هو القصة خلصت خلاص ؟؟؟


- شكلها خلصت.... أصله سكت


- طيب مش هايقول ايه العلاقة بين الكلام ده والجواز حتى علشان يريح قلوبنا قبل ما نروح


- أكيد في جزء تاني للفرح ده هيوضح العلاقة


نزل الشيخ من على المنصة وهو ينظر للأرض في خجل


- خلاص سيبوه .. هو عرف غلطته خلاص


ظهر مقدم البرامج من جديد ثم استجمع قواه وقال


- والااااااااااااااااااااا ن مع الحلوىااااااااااااااااااااااعععععععععععععععععع


قالها في نبرة حادة طيرت النوم من عيني فقمت فزعاً .... ووجدت نفسي عطشاناً جداً .... وظهر في الأفق 2 من الصبيان يحملون صينية شيكولاته وبعض علب العصير ..... شاورت لأحدهم أن أعطني من العصير فتملص الصبي في خبث ... لكني لم أتركه إلا بعد أن أخذت عصير الجوافه ...... ولم أحس بالإرتواء بعدها فذهبت لصاحب الفرح وقلت له


- عاوز عصير تاني أنا عطشان يا حماده


- مين قالكم إني اسمي "حماده"


- مفيش حاجه بتستخبى للأبد يا "حماده" الراجل اللي بيزعق ده هو اللي قالنا ... هو حماك ولا ايه ؟


- لاء


- طيب عاوز عصير جوافه تاني


- احنا جايبين على القد ...عطشان روح اشرب ميه


- ده انت معفن يا حماده مش كفايه انك جايبنا الفرح المقندل ده وكمان مفيش أكل ولا حتى شرب


- ان كان عاجبكم


- خلاص خد العصير بتاعي يا عم انا مش عاوز ( صديق 2 البايظ)


- هات ..... وبعد أن شربت العصير لم أشعر بالارتواء .... فذهبت للولد الذي يحمل العصير وابتسمت ابتسامة سوداء مهدداً فأعطاني علبة أخرى


- مشينا من الفرح بعد قليل وقبل ان نمضي لحال سبيلنا قابلنا الرجل اياه فسلمنا عليه وبعد ان اعطيناه ظهورنا قلت بصوت عال


- نأخذ من كل رجل قبيلالالالالالالالالالالالالالالالالاععععععع


فوجدت الأصدقاء قد هرولوا وتفرقوا من حولي فلم انظر للخلف وقلت المعوذتين حتى خرجت للنور.