الأربعاء، يوليو 18، 2012

الإخوان المسلمون .... إصلاحيون في زمن الثورة




قد لايكون من المناسب أن نستبق الأحداث ونتحدث عن الخلاف السياسي والإداري القديم مع منهجية جماعة الإخوان المسلمون في التفاعل مع الأحداث الجارية حيث ان تمثيلهم الإداري والسياسي حتى الآن لايمكن أن يقال أنه قد تبلور بشكل تام فمجلس الشعب الذي يشكلون أغلبية فيه قد تم حله من قبل جماعة العار القضائي وبمساعدة المجلس العسكري الداعم للنظام القديم وبتغطية خسيسة من سفلة الإعلام وأراذل القوم الذين يتصدرون المشهد الإعلامي والسياسي من النخبة المتعفنة فكرياً 
كما أن الوقت الذي مضى على تولي الرئيس محمد مرسي لم يتجاوز السبعة عشر يومًا ، ولكن من معرفتنا السابقة والملومات المؤكدة عن منهجية الجماعة الإصلاحية والتي تعتبر ميزة عالية الجودة في وقت السلم والإنتاج والمهادنة أو وقت الإستضعاف والقهر لاتعتبر وللأسف الشديد ولاتصلح أبداً في وقت الثورات والمراحل الإنتقالية التي نعيشها هذه الأيام وقد تكون تكلفة هذه المنهجية باهظة ليس على الإخوان انفسهم فحسب بل على المشروع الإسلامي الوسطي الذي يمثلونه وعلى مصر والمنطقة العربية والإسلامية كلها والتي تتوقع الكثير وتنتظر من الإخوان قيادة سفينة المرحلة الحالية نحو الخروج من أنفاق الإستعباد والقهر السابقة 
وما يتبادر الى الذهن فورًا وما يلقيه من تناقشه في وجهك بمجرد سرد الحقائق السابقة هو أن الإخوان فصيل قوي وناضج سياسيًا ويعي تمامًا أبعاد تلك المعادلة وسيعالجها كأحسن ما يكون وهو لايحتاج منا إلا الدعم المادي والمعنوي والدعاء 
وقد ينهي هذا الرد المفحم النقاش لدى الكثيرين ممن ساندوا الفصيل الإسلامي ممثلاً في الإخوان المسلمين طوال الفترة السابقة وسيساندهم في الفترات القادمة ونحن من هؤلاء ولكن للأسف الشديد هذا الرد المفحم لايرضى طموحاتنا أبدًا بل هو نذير شؤم لنا باستمرار التحذير والصراخ والعويل حتى ينتبه فصيل الإخوان إلى الكارثة التي نخوض فيها جميعاً في الوقت الراهن 
:-والمتمثلة في الآتي 

 * بات واضحاً للعيان أن هناك مؤامرة لاشك فيها من قبل القضاء المعين من النظام السابق والإعلام الموجه من النظام السابق كذلك قد تولى المواجهة مع الرئيس والحركة الإسلامية ككل بعد انسحاب صوري للمجلس العسكري من المواجهة المباشرة بعد تسليم هزلي للسلطة 

 من الواضح أن الحركة الثورية وهي المناصر الأول والداعم* الحقيقي للمشروع الإسلامي قد أصابها الفتور التام بعد انتخاب مرسي رئيساً وعدم إصداره قرارات ثورية متوقعة واكتفاؤه بحضور حفلات تخرج الكليات العسكرية وكذلك تجاهل الجماعة الصارخ لفصيل ثوري مساند ومؤيد للمشروع الإسلامي متمثلاً في حازم صلاح أبو اسماعيل واعتصامه ومؤيديه قد أضفى فتوراً عاماً على الحركة الثورية وهو مؤشر خطير جداً حيث أن التجاهل المستمر لهذا الرجل ذو الاتجاه الثوري الحاد يعني رفض المنهجية الثورية ككل واعتماد سياسة الإصلاح التي لاتصلح في الوقت الحالي
* أصبح عامة الناس في انتظار ما سيفعله مرسي بعد أن أصبح رئيساً بعد طول انتظار وقد رضوا به على أمل إصلاح الأحوال وتنفيذ وعوده ومن المعروف عن الإتجاه العام غير المسيس أنه لايعترف إلا بالقرارات العنترية والكاريزمية العاليه في أداء الرؤساء والجميع ينتظر بتحفز كيف سيعود الأمن وكيف سترفع القمامة وكيف ستتحسن الأحوال الإقتصادية ومرور الوقت يفقد العامة إيمانهم وتأيدهم للزعيم المرتقب 

* استمرار الحكومة الحالية وهي حكومة طالما طالب الإخوان أنفسهم بسحب الثقة منها يجعل استمرارها ليوم واحد هو سحب ثقة من الإخوان أنفسهم ويعطي مؤشرًا بعجزهم عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني قادرة على بدء العمل في الاتجاه الصحيح ويعطي انطباع يمثل نذير شؤم عن أن الحكومة القادمة ستكون حكومة (عربون محبة وقبول) لإسكات أفواه النخبة القذرة بتعيين من لاقدرة فاعلة لهم على الأرض لإرضاء توقعات سفلة الإعلام والنخب عن تعيين أقباط ومرأة وكل هذه الترهات التي لاوقت لها والتي من شأنها أن تعجل بفشل الحكومة المرتقبة فالمعيار الأوحد الذي يجب أن يتوافر دون النظر لغيره هو معيار الكفاءة والأمانة أما الترضية الساذجة على حساب المرحلة الحرجة فهو انتحار سياسي ساذج 

*استمرار حالة التراخي في مواجهة المتطاولين والجماعة الفاسدة من القضاه توحي للعامة بأن هناك ترتيبات وصفقات سرية تدور في الكواليس مع جميع أطراف العميلة السياسية والمتمثلة في المجلس العسكري والاطراف الخارجية وعدم الوضوح في تلك الجزئيات والإحتماء بالشعب والميدان في مواجهتهم يفقد مصداقية الرئيس لدى الشعب ويفقد الإخوان رصيد يضاف لنزيف الأرصدة المفقود في الفترة السابقة 

* هناك اتجاه ظاهر لجعل الرئيس يدور في حلقة مفرغة من الإنجازات الهامشية التي تستهلكه عصبياً ونفسياً ولاترفع رصيده لدى الناس سواء بتجاهلها إعلامياً أو لتدني حجمها في جنب القضايا الأصلية والمثال الصارخ على ذلك هو حالة الصحفية التي أحضرها الرئيس بنفسه وهو شيء جيد ولكن كان من المنطقي والمتوقع أن تعود الصحفية بمجرد اتصال هاتفي من أصغر دبلوماسي بالسودان الشقيقة خاصة وأنها ليست متهمة في قضية جنائية وليست في اسرائيل ولكن الضجة الإعلامية السابقة للموضوع والتجاهل الإعلامي التالي له يوضح منهجية ثعبانية تهدف لاستهلاك الرئيس شخصياً في قضايا هامشية وفرعية لاترفع رصيده ويكون محصلتها اتلافه عصبياً لاتخاذ قرارات تعجل بزواله أو بفقدانه رصيد شعبي كل يوم

وبناء على الواقع المؤلم السابق فالإجابة المفحمة السابقة لا تتناسب مع المؤشرات الحالية للمعادلة ومالم تتحول جماعة الفرص الضائعة إلى جماعة اللحظة الفارقة :) سوف يجني التيار الإسلامي والتجربة ذات المرجعية الدينية والبلاد والبلاد المجاورة ثمار ذلك كله على غير المراد والمتوقع 

الإصلاح منهجية فريدة وطاهرة ويجب دعمها من الجميع .. ولكن وقت الثورات ليس وقت الإصلاح بل وقت التغيير ووقت المواجهة لا تصلح فيه المهادنة فكل الوجوه الكئيبة والسوداء والمتعفنة المتمثلة في المجلس والحكومة والإعلام والقضاء هدفها واحد هو إجهاض التجربة ككل بأي ثمن ومحاولات كسبهم او مهادنتهم أو حتى الإلتفاف عليهم لن تاتي بخير أبداً والحل واضح ويعلمه القاصي والداني وهو الإحتماء بالثورة والشعب والوضوح التام والمصداقية بعيداً عن السرداب والدهليز والغرفة المغلقة ومحاولات الإصلاح المقيت في شيطان رجيم 

الثورة مستمرة  

هناك تعليق واحد:

إيمان يقول...

الثورة مستمرة :)والدروس مستمرة