على الرغم من المرارة الشديدة الحالية وعلى الرغم من الخلاف السياسي العميق جدًا في جذور التاريخ بين رؤيتي النظرية وأفعال الإخوان إلا إنني بحساب العقل أجد نفسي مضطرًا لانتخاب الإخوان ودعمهم في المرحلة القادمة ، وبالرغم من شدة الهجوم عليهم بعد الأحداث الأخيرة منذ جمعة 18 نوفمبر حتى تاريخة والتي أعتقد أنها ستكون حلقة مفصلية في التاريخ الشعبي ضد الإخوان ورغم تبريراتهم غير المقنعة بالمرة لهذا الموقف إلا إنني وبحسابات أخرى سوف انتخب الإخوان المسلمون وهذه هي الأسباب
بنظرة عن كثب إلى المشهد السياسي الحالي سنجد أن هناك تياران فقط على الساحة السياسية وهم التيار الإسلامي بكل فصائله من اخوان وسلفيون ومنشقين عنهما وجماعات أخرى والتيار الليبرالي أو العلماني الذي لا يقتنع بتفعيل المنظومة الإسلامية ويختلف معنا ابتداًء في الرؤية السياسية ويجب علينا احترام الاختلاف ، لذلك سنجد أنفسنا كناخبين محصورين في دائرة التيار الإسلامي الذي نتبعه فكريًا إن كانت لنا قناعات إسلامية أو داخل التيار الليبرالي العلماني إن كنا لا نقتنع
وبما أنني من داخل التيار الأول فسوف أتكلم عن التيار الذي أنتمي له فقط وأحاول ان ألقي نظرة عن كثب للمشهد الحالي قبيل الانتخابات بيوم واحد ، وبالنظر للساحة داخل التيار سنجد أن العامة لاتعرف توجهات الجماعات الإسلامية أو المنشقين عن التيارين الأصليين المتمثلين في الإخوان والسلفيين بل لا نبالغ إذا قلنا أنه يوجد تخوفات شديدة بشأنهم من الجميع فبالرغم من عدم توافر معلومات واضحة عن الأفراد إلا إن هناك غموضًا لاينكره مدقق حول التوجهات الفكرية لكل الأحزاب والتيارات الأخرى عدا الإخوان والسلفيون باستثناء واحد فقط هو حزب الوسط حيث أن له تاريخ سياسي معروف للمهتمين بالسياسة وله مواقف جيدة على المستوى السياسي بل لا نبالغ إن قلنا أن الاتجاه السياسي لحزب الوسط يكاد يفوق وضوحًا وصراحًة وجودًة اتجاه الإخوان أنفسهم
لذلك لن يتبقى على الساحة سوى حزب الحريًة والعدالة الممثل للإخوان وحزبي النور والأصالة الممثلين للتيار السلفي وحزب الوسط
وقد يبدو لأول وهلة اختيار حزب الوسط هو الأصوب إن كنا نختلف سياسيًا مع الإخوان ونتفق مع توجهات الحزب في الفترة الضيقة الماضية ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن حزب الوسط لم يختبر إداريًا حتى الآن فالمسألة ليست مسألة توجهات نظرية فقط ولكن يجب الأخذ في الاعتبار المواقف الحقيقية على أرض الواقع حتى يمكننا الحكم عندما نختلف ونرى ردة الفعل وهذا ما لم يحدث مع الوسط أضف إلى ذلك الخلاف الفقهي مع التوجهات الفكرية للحزب التي تجعله أقرب للتيار الليبرالي منه للإسلامي كقضايا غير المسلمين والمرأة في الولاية العظمى والتي فيها نصوص قطعية الثبوت وقضايا الحدود وأهل الذمة التي عليها إجماع فعلي في التاريخ الإسلامي مما يجعل الحزب أقرب إما لتيار ليبرالي محترم ونبيل المواقف وهو موجود بالفعل في صور اخرى أو أقرب لفكر المعتزلة الجدد ويظل الخلاف الفقهي قائم في الرؤية والتطبيق
أما بخصوص التيار السلفي فلا أظن أن المصوتين له سيتعدون من يؤمن بالفكر السلفي كمنهج للحياة ويرى فيه الاسلام الصحيح أو من يحب ويتبع شيخ بعينه من العامه المحبين لبعض شيوخ المنهج المعروفين كمحمد حسان ومحمد حسين يعقوب على سبيل المثال وبتقييم التيار من الناحية السياسية سنجد أن رصيده الحالي لايزيد عن العدم كثيرًا أضف لذلك الخلاف الفكري القائم قبل الخلاف الفقهي المعتبر في المسائل الخلافية العادية كاللحية والنقاب والإسبال وتحريم الغناء والتي يعتبرها اتباع الإتجاه السلفي من العقائد ويوالون ويتبرؤن على اساسها مما يرشحهم لأن يكونوا منهجًا صداميًا من الناحية الفكرية أو غير ناضح لقراءة الواقع فضلاً عن التعامل معه التعامل الأمثل في المرحلة شديدة الحرج القادمة
ثم نأتي للإخوان وما هي أسباب التصويت لهم سنجد أنها محصورة في النقاط الآتية
الاخوان هم الإتجاه الوحيد القادر على إدارة عملية انتخابية على مستوى الجمهورية وفرز أفراد لهم كفاءة تمكنهم على العمل الجماعي يدفع في اتجاه واحد على عكس باقي التيارات التي سيكون تركيزها متباينًا بين القوة في موضع جغرافي وجودة أشخاص ووحدة الفكر
الاخوان هم الاتجاه الوحيد الذي له سابق خبرة في الحياة النيابية تمكنه من قراءة آليات التحرك السريع المطلوب في المرحلة الكارثية القادمة في حين أن بقية التيارات ستأخذ وقتًا مكلفًا حتى تتعامل مع الواقع بالشكل الصحيح بافتراض قدرتها على الإدارة وجودة عناصرها
الإخوان هم الاتجاه الوحيد القادر على إدارة العملية الانتخابية وحماية الصناديق والتعامل مع صور البلطجة والتزوير والفطنة لمحاولات الإلتفاف من جانب النظام أو القضاة غير المؤتمنين في حين أن بقية التيارات ليس لها نفس القدرة
يوجد داخل الإخوان أشخاص بعينهم لهم توجهات محترمة أو شبه محترمة يمكنهم تولي ادارة الأمور والإصلاح الداخلي وانهاء الخلاف معهم كالدكتور محمد البلتاجي أو الدكتور عصام العريان (على الترتيب في الوصف ) كما يوجد علماء مخلصون داخل الجماعة يقوموا بمهمة النصح والتصحيح الداخلي وهو ما قد لايتوافر لغيرهم وإن كان لدى السلفيون أشخاص كالدكتور محمد عبد المقصود أو الشيخ نشأت أو حسن أبو الأشبال أو فوزي السعيد لهم من النضج الكافي إلا أن الإتجاه يتجاوز أشخاصهم بكثير
الاتجاه الشبابي داخل الإخوان يتوافق كثيرًا مع الأوضاع الشعبية سياسيًا ولهم مشاركات فردية في جميع المواقف لاتخفى على أحد مما يعطي أمًلا كبيرًا في مستقبل لن يكون الإصلاح الحقيقي إلا فيه بعكس الإتجاهات الأخرى التي يغلب عليها مجهولية الحال
استطيع أن أؤكد أن تفتيت الأصوات الناتج عن حالة الإحتقان ضد الإخوان لن يضر الإخوان أكثر مما سيضر التيار الإسلامي حيث أن عدم الدفع في اتجاه أغلبية بحيث تتمكن من التغيير سوف يذهب بنا إلى حسابات أخرى سوف ننتظر فيها إلى ان تواتينا فرصة أخرى ( قد لاتأتي لجيلنا ) حتى نتمكن من التوحد حول فصيل متفق في المنهجية ويكون اصلاحه "داخليًا " في حالة الخلاف حيث أنه من الواضح جدًا أن الاتجاه المخالف حتى المنصفين فيه يرى في أصول قناعاته أن تفعيل المنظومة الإسلامية سوف يقود إلى الخلف وبالتالي يرى أن الإقصاء أمر طبيعي وإن لم يعلن ذلك وهو ما يبدو واضحًا جدًا من كلام شخصيات مثل ابراهيم عيسى أو علاء الأسواني أو بلال فضل حين يتكلم عن السياسة نتفق ونختلف في إطار واحد ولكن إن اقترب الأمر من تمكين تفعيل الشريعة قد لايتواني عن استدعاء المجلس العسكري نفسه لتأمين حفظ علمانية الدولة بوثيقة حاكمة أو بقرارات سيادية كما رأينا وإن كان سيخالف بذلك ما يتشدق به من قواعد الديمقراطية
لذلك أجد نفسي محدود الخيارات في انتخابات الاثنين القادم وقد عزمت على اختيار الإخوان رغم كل المرارات والتحفظات والخلافات
والأمر مرفوع لسيادتكم لاتخاذ ما ترونه مناسبًا بهذا الصدد :D
باب النقاش مفتوح في الردود او على الفيس بوك أو تويتر لمن يخالف
هناك 5 تعليقات:
أتفق معك تماما من اول العنوان وحتى الجملة الختاميه ربما كنت ساتردد قبل ان يفقد الاخوان جزء كبير من شعبيتهم ولكن الأن وقد أصبح الموضوع به إتزان نوعا ما فأنا أتفق معك تماما وخاصة في القوائم سأنتخب الإخوان إن شاء الله
مع اني فى المرحلة الثالثة ولكن هكذا عزمت وتوكلت على الله والله الموفق والمستعان
إيمان
كل ما انتاقش مع حد كاره للاخوان للأسف ميدنيش اسباب مقنعة لعدم التصويت لهم غير اسباب شخصية
وقمة الحيادية ان نختار من نختلف معه لكونه مناسب للمرحلة ولو كان تصرفه غير مناسب فعذرنا إلى الله مقبول ان شاء الله لاننا اجتهدنا في الاختيار
تحياتي وتقديري
وبلاش ختمة عمر سليمان دي علشان بتقلقني هههههههه
لا اوافقك الراى
فمن يغلب مصلحته فوق اى راى لا اعطيه صوتى ابدا فصوتى امانة فاذا لم اجد من يستحق احتفظ بالامانة الى ان يأتى صاحبها
و اختلف معك فى قمة الحيادية ان تعطى صوتك لمن يختلف معك
السياسة ليس بها حيادية اذا كنت مقتنع بفصيل فسانضم اليه فالطرق معروفة اما بر او جو او بحر
تحياتى
ابراهيم رزق
إذا كان اختلافنا داخلي "داخل نفس التيار والتوجهات" فهذا يختلف تماماً عن ما إذا كان خلافنا على أصل من الأصول ففي داخل التيار الواحد يمكنك أن تنظر للمصالح والمفاسد الناتجة عن اختياراتك أو عدمها وما سيترتب عليه من نتائج
فأنا على أي حال لايمكن أن اعطي صوتي لعلماني وان كنت لن انتخب كما تفضلت انت
ولكن الخلاف السياسي داخل نفس الاطار يمكن فيه الأخذ والرد بشفافية
أما عن الحيادية فهي الا تغلب وجهة نظرك على الأحكام أو المصالح العامة
والاختلاف في الرأي يثري النقاش وأهلاً بك دائماً
رائحة عمر سليمان في كل شئ .. علشان كده انا قلقانه طول الوقت بيطلع لي في الحلام زي الساحر الشرير كده
إرسال تعليق