السبت، مايو 26، 2012

الإخوان والرئاسة ... العقدة والحل



لعل نتيجة المرحلة الأولى للانتخابات الرئاسية كانت محزنة للبعض ومخزية للبعض ومفاجأة للبعض ومأساوية للبعض .. ذلك لأن الجميع لم يكن يتصور ما سيخرج من جراب الإدارة الحالية للبلاد والتابعة لنظام مبارك بلا شك في محاولاتها المستميتة لإعادة انتاج نفسها بثوب جديد من الشرعية للمحافظة على مكتسبات النظام وحفظ امنه في ذات الوقت دون صدامات محتملة مع ثورة تلفظ أنفاسها الأخيرة ولكن نتائج الصدام غير مضمونة العواقب ولو نسب ضئيلة لذلك عندما ألقى كهنة فرعون ثعابينهم في وجه الشعب والمتمثلة في اصوات تم إدراجها بزيادة 5 مليون صوت عن انتخابات البرلمان في سعة القوة التصويتية وبإدراج متعمد لمن ليس لهم حق التصويت كجنود الأمن المركزي والشرطة السرية وباستقطاب فئات لها تكتل معين كالأقباط والصوفيين إضف لتلك الخلطة السحرية كل من تأذي من الثورة وبات حانقاً عليها من رجال أعمال وأصحاب حرف ومرتزقة ومنتفعي النظام البائد وحاشيته وكل معدومي الضمير الذين يمكن شراء أصواتهم بالمال فنتج عن هذا الخليط الشيطاني كتلة تصويتية فاجئت البعض وإن كنت انا احد من فاجئهم الأمر من ناحية التصويت للفريق وليس لوزير الخارجية السابق حيث أنني كنت أعتقد أن الثاني أقدر على الاستقطاب لقناعة الكثيرين أنه ليس محسوباً على نظام مبارك ولكن اعتقد ان هناك تعديلاً حدث في الخطة لصالح الفريق بعد حسابات معقدة لمرحلة ما بعد الرئاسة من ناحية الولاء المطلق لجهات ما 

وهنا نشأت المعضلة الوطنية المتمثلة في نوعية الصراع الحالي الذي أدخل الإخوان كطرف محوري في المعادلة الحالية ضد رمز النظام السابق بعد نجاح الثاني في تشويه الأول تماماً على المستوى الإعلامي وعلى المستوى السياسي بإظهاره كفصيل يدور في فلك ذاته ولايعطي للمصلحة الوطنية أية اعتبارات وخائن للثورة وممثل شيطاني للإسلاموفوبيا العامة التي تبشر بدولة الملالي وهيمنة رجال الدين في العصور الوسطى وتنذر بدولة ينعق فيها البوم ويتخبط فيها المواطنون في ظلام البؤس والشقاء تحت وطئة حكم ديني دكتاتوري سلطوي جائر 

ولاشك أن الصورة القاتمة السابقة قد ساعد على اكتمالها وحدد الوانها وابعادها أداء الفصيل الإسلامي نفسه بمستوى الأداء المتدني وبحسابات ساذجة فصلته عن النسيج الوطني والتأييد الشعبي العام ولم يبق له إلا نوعين من المؤيدين لاثالث لهما الأول يثق به بلا اسباب ولامبررات وهو الفصيل الذي كان على تواصل معه خلال العقود السابقة من خلال العمل العام والتطوعي والجانب الدعوي وممثليه هم الطبقات الكادحة البسيطه في المحافظات والكفور والنجوع الذين نجح الإخوان في تكوين تواصل اجتماعي دائم معهم ، والفريق الآخر المتمثل في المقتنعين بإمكانية تطبيق نموذج اسلامي محترم في الدولة الحديثة ويختارون بناء على تقييم الفصيل الإسلامي وليس غيره مع علمهم الكامل بتفاصيل ودورة حياة الإخوان المسلمين منذ البدء حتى الآن ويعرفون مواطن العيوب والمميزات لديهم 

ومن المبرر في الوقت الحالي أن ينظر الكثير من عامة الناس ذوي الثقافات المختلطة إلى الإخوان نظرة تشوبها الشيطانية بعض الشيء نظراً لعظم الأخطاء التي ارتكبتها الجماعة في الوقت القصير الماضي وحتى الآن وتكرار هذه الأخطاء بشكل مستفز ومحير ومربك ادي لاستعداء الكتيرين ، وبناء عليه قرر البعض في المرحلة الحالية مقاطعة الانتخابات في مرحلتها الفاصلة القادمة بالاضافة لمن قرر المقاطعة منذ البدء لعدم اقتناعة بانتخابات في ظل إدارة تمثل النظام السابق 

وهنا نصل لمرحلة حرجة جداً من تطورات الأمور ، وهي مرحلة استعداد النظام البائد للانقضاضة الأخيرة على الثورة وقتلها تماماً بعد ان نجح في اجهاضها ، حيث أن نجاحه في الانتخابات يعطيه الشرعية الكاملة من قبل الشعب للإجهاز على الثورة سيئة السمعة وهي شرعية حقيقية فعلاً لن يضيع النظام استغلالها للانتقام البشع من الثورة بكل فصائلها ،وعلى الجانب الآخر نجد أن ممثلي الثورة الرسميين لازالوا في مرحلة الاتهام بالعمالة وخيانة الثورة والاعتداد بالرأي والنفس في مواجهة الآخرين فخلاف الإخوان مع  كل الباقيين كصراع الإسلاميين مع الليبراليين لم يتخطاه كلاهما ويقف في طرف بعيد الاشتراكيون واليساريون وكل فريق ينتظر أن يعترف الآخر بخطأه ويعتذر ويقدم القرابين له ليعفو ويصفح في حين أن الجميع سيتم الإجهاز عليه قريباً جداً 
وأنا وإن كنت أرى أن المسئولية الاساسية تقع على عاتق الاخوان لا لشيء إلا لأنهم الفريق الوحيد الذي يمثل تنظيم حقيقي له ابعاد وهو الواجب عليه احتواء كافة الفصائل الباقية بأي شكل وبكل الطرق فالباقون ليسواتنظيمات ولكن جماعات وأحزاب وحركات والأخطاء عندما تصدر منهم تكون مبررة لقربها من الفردية أما التنظيمات التي يفترض بها التحرك في إطار مدروس ومحسوب لايسعها الا احتواء اصحاب الأرضيات المشتركة ولو مرحلياً لحين تجاوز الخطر المشترك 

وعليه فإن المرحلة القليلة القادمة إن لم تشهد تحرك سريع وقوي من الإخوان لاحتواء واقناع الفصائل الأخرى بالتصويت لهم بضمانات حقيقة لعدم تكرار سقطات الماضي القريب فعلى الجميع السلام 

وأخيرا أوكد لجميع السادة المقاطعون أن المقاطعة ليس لها أي مبرر عقلي واحد مقبول ، ذلك لأن المقاطعة ما هي إلا تسهيل لعملية الانقضاض الشرعي على الثورة وكفاية للعدو المشترك عن التزوير فكل ما ينقصه هو الحشد في مواجهة فرقاء لم يجتمعوا على كلمة سواء وسوف يلقون نفس المصير الأسود منه دون التفرقة بين المقاطع والمشارك والميزة النسبية للمشاركة هي تصعيب مهمة العدو المشترك وإلجاؤه للتزوير كحل أخير للحفاظ على مكتسباته وحينها سيعطي المبرر للثورة أن تحيا من جديد وتنتفض ضد تزوير إرادة الشعب .
أما من يرى ويقتنع بأن الإخوان كتاريخ وفصيل له وجود سياسي يتساوى مع الحزب الوطني الديمقراطي ونظام مبارك وعليه  فالخياران متساويان فلن يجدي معه النقاش في الوقت الراهن ولنترك له المزيد من الوقت حتى يغير قناعاته أو نغير نحن قناعاتنا :)
ولله الأمر من قبل ومن بعد  

السبت، مايو 05، 2012

شهادة على أحداث العباسية



من الطبيعي جداً ان يكون الإتجاه العام لغير المؤيدين لشخص
 "حازم صلاح ابواسماعيل " هو رفض اعتصام العباسية الذي كانت نواته الأصلية رفض القرارات التي يراها مؤيديه ظالمة وغير قانونية والي قضت بمنعه من خوض انتخابات الرئاسة في القضية المشهورة والتي على خلفيتها قامت بعض المسيرات والاحتجاجات بالنزول للشارع وفي حركة مفاجئة تم التوجه لوزارة الدفاع والإعتصام أمامها كتعبير عن رفض هذه القرارات وهو ما لم يؤيده "حازم صلاح " شخصياً وطالب بفض الإعتصام هو والشيخ "حسن أبو الأشبال"حتى لا يأخذ الإعتصام منحى خطير وغير معد له مسبقاً وهو ما لم يلق قبولاً لدى المعتصمين وأخذت فكرة الإعتصام تتبلور بعيداً عن موقف داعم لشخص لموقف من سوء إدارة الفترة كلها وآخرها الأحداث المشار اليها وتبلورت تلك المطالب في تغيير اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية القادمة وتغيير المادة 28 بصفة أساسية وهي مطالب مشروعة والإعتصام في أي مكان غير مخالف للقانون وقد تم التوجه لنفس المكان من قبل  في أحداث سابقة.
وبات من الملاحظ ان وجود المعتصمين بجوار وزارة الدفاع يشكل إزعاجاً شديداً للإدارة العسكرية للبلاد والتي عبرت عن المقر بأنه (عرين القوات المسلحة) وتوعدت من يحاول النيل من كرامة الإدارة العسكرية والمتمثلة في محاصرة الوزارة لذلك فقد اتخذت الإدارة العسكرية خطوات ثابتة وملموسة في طريق فض الإعتصام ولكن بطريقة مرضية لهم وبما يردع المعتصمين وينكل بهم ثأراً للتجرأ على عرين القوات المسلحة 
لذلك فقد تم التعاون مع الأمن (الذي لم يظهر في الصورة هذه المرة ) في شكل إمداد القوات المشتركة في العملية بأفراد مسجلين لديهم متميزين بوجود فجوة سوداء في منطقة الصدر بمكان القلب عند البشر العاديين تم الاتفاق معهم على التمثيل ببعض المعتصمين وذبحهم بطرق وحشية  وكذلك الإعتداء على أهالي المنطقة لإضفاء طابع الشيطنة على المعتصمين والوقيعة بينهم وبين الأهالي حتى يتم حصار الإعتصام معنوياً واستفزاز المعتصمين للقيام بأعمال عنف أكيدة الحدوث كرد عملي على التمثيل بالجثث والخطف وتشويه  المارة بمفردهم في محيط الإعتصام وهو ما حدث بالفعل حيث قام بعض أطياف الإعتصام بالرد على العنف بعنف مماثل في اتجاه الأفراد المسجلين خطر والمشهورين بالبلطجة 
وخلال تلك العمليات كان الحشد للإعتصام يتزايد والدعاية له تكثر والأطياف المشاركة  تحشد فمثلاً شاركت حركة 6 ابريل وحركة كفاية وأطياف السلفيين المتميزين بالثورية وأخيراً ظهر الإخوان على مضض لقياس مدى شعبية الإعتصام ومدى قبولة ومدى أمكانية نجاحه 
وفي اللحظة المحددة وخلال جمعة حاشدة وعلى غير المتوقع تم التعامل مع الإعتصام بعنف شديد وتم فضة خلال دقائق معدودة وتم حظر التجول في المنطقة واستعادت القوات المسلحة عرينها في غضون دقائق معدودة 
ولي هنا عدة ملاحظات مجردة على تلك الأحداث التي شاهدتها وعايشتها 

أي اعتصام تقوم به قوى ثورية مختلطة الأطياف يتم اختراقه* بواسطة عناصر أمنية مدربة ويتم التعرف على بعضها احيانًا ولكن العناصر المؤثرة تكون بالداخل في شكل معتصمين متحمسين أحيانًا أو مثبطين أحياناً أخرى أو فاعلين في بعض الأحيان وهذه الملحوظة  باتت متكررة ولا تخطئها عيني في كل اعتصام غير محكم الأبعاد فالفارق كبير بين متحمس مؤمن بقضية ومتحمس بقصد إظهار التحمس في وقت الحماس 

* الإستعانة بالخارجين عن القانون والمسجلين خطر وأفراد قاع المجتمع ممن لاثمن لهم ولا لحياتهم حتى عند أنفسهم سوى بضعة جنيهات يعكس بوضوح شديد استخدام نظام مبارك لفئة من البشر هو خلقها بيدية ويعرف احتياجاتها ويعرف كيف يستعملها وكيف يتخلص منها وكيف يوجهها وقد رأينا هذه النوعيات من البشر ابتداء من يوم 25 يناير في الشوارع علانية مع أفراد الأمن المركزي بدروع وعصي الشرطة كأنهم نسيج واحد من منظومة معدة بعناية لهدف ثابت وهو الردع المادي للأفكار التي تبعث على التغيير والتأكيد على الوجود بالقوة وهي رسالة تم تمريرها منذ 25 يناير حتى أمس 

* معظم  المصريين بغض النظر عن مستواهم الثقافي والتعليمي لايميلون لفكرة المواجهة وإن ادعوا ذلك وعليه فدائمًا ما يوجهون اللوم والتقصير في جانب الضحية والمتمثلة في القلة المتحركة في هذا البلد والتي أخذت على عاتقها محاولة التغيير وهي في سبيلها بذلك لاغنى لها عن القبول الشعبي والتأييد العام والذي هو مرتبط في الأساس بحب البعد عن المخاطرة والمغامرة فتجد منهم دائماً من يلوم المتحرك في اتجاه الإصلاح بقولة "ايه اللي وداهم هناك" أو " ايه اسباب الإعتصام أصلاً " ويختلف مبدئياً مع الأسباب  الأوليه مع أطيب تمانياته للجميع بالتوفيق سواء الظالم أو المظلوم وهو في ذلك قد أخذ على عاتقه الإنحياز للطرف الأقرب للسيطرة وقد أعطى لضميره الحي مخدر من نوعية الإختلاف مع أسباب التحرك أو تخوين المتحرك نفسه أو اختلاق مانع (طبيعي أو شرعي) يعمل كمظلة يمرر من تحتها قرار عدم التحرك

 * من الواضح للعيان أن البعض بات يعمل بنظام آكلي الجيف فبعد سقوط الشهداء ومرور الأحداث والرغبة في تخفيف آلام مخاض الواقعة يظهر من لهم باع في (الكلام ) سواء باسم الثورة أو الدين أو كلاهما ويبدأ في الرثاء والإنكار واستجلاب مطالب تعويضية  باسم من سقط غالبًا يحصل هو نفسه عليها في صورة ظهور إعلامي  أو هالة تقديسية أو منصب ما باسم حماية الثورة ثم يحلَق آكلي الجيف بعيداً عن مرمى الرصاص واستهداف العيون ليحط مرة أخرى بعد خمود الهجوم وما أشد عقاب من باع دينه بعرض من الدنيا وعند الله تجتمع الخصوم ولولا بقية من عقل تصد الإنسان عن كشف معايب البعض ولأن هؤلاء أصبحوا معظَمين في نفوس العامة بحيث أن هدم أصنامهم قد يهدم الدين في نظر البعض لكان للحديث بعدًا آخر ولكن عند الله تجتمع الخصوم

* بالنظر في خريطة احداث الفترة القادمة بات واضحاً للعيان أن تسليم السلطة بات شبحًا يخفت في نفوس الناس ولكنهم يحاولون إقناع أنفسهم بأنه لامفر منه وأن حدثًا مزلزلًا سيحدث إن لم يتم ذلك وإن سألتهم عن الحدث المزلزل الذي سيتم سيقولون بأن الناس قد تغيرت  وأن الشباب لن يسكت !!! (لاحظ ... نفس الشباب الذي يلقون عليه مسئولية احراق البلد والطيش السياسي هو من يعولون عليه في المواجهة حال حنث الإدارة بوعدها كما سيحدث ) وأنني سأكون أول من ينزل للشارع حال حدوث ذلك  وهي من الأمورالمضحكة المبكية في نفس الوقت حيث أنه حال  حدوث ذلك لن يكون هناك شارع أو شباب أو سلطة ليتم تسليمها ومبروك على الجميع الفريق أو في أحسن الأحوال وزير خارجية مبارك 

* ذلك الوفد الذي ذهب للمملكة لاأعرف لماذا ذهب ولا لماذا تكلم ولا لماذا تم اختياره وبمعرفة من ؟ وإذا صدق حدثي في هذا الصدد فنحن على أعتاب عصر جديد تتحد فيه الأسود مع الضباع مع الإعتذار للأسود فما اسمها هنا إلا كناية عن اسم أمها :)