السبت، نوفمبر 26، 2011

لهذه الاسباب سأنتخب الاخوان المسلمون .. مع الأسف

على الرغم من المرارة الشديدة الحالية وعلى الرغم من الخلاف السياسي العميق جدًا في جذور التاريخ بين رؤيتي النظرية وأفعال الإخوان إلا إنني بحساب العقل أجد نفسي مضطرًا لانتخاب الإخوان ودعمهم في المرحلة القادمة ، وبالرغم من شدة الهجوم عليهم بعد الأحداث الأخيرة  منذ جمعة 18 نوفمبر حتى تاريخة والتي أعتقد أنها ستكون حلقة مفصلية في التاريخ الشعبي ضد الإخوان ورغم تبريراتهم غير المقنعة بالمرة لهذا الموقف إلا إنني وبحسابات أخرى سوف انتخب الإخوان المسلمون وهذه هي الأسباب
بنظرة عن كثب إلى المشهد السياسي الحالي سنجد أن هناك تياران فقط على الساحة السياسية وهم التيار الإسلامي بكل فصائله من اخوان وسلفيون ومنشقين عنهما وجماعات أخرى والتيار الليبرالي أو العلماني الذي لا يقتنع بتفعيل المنظومة الإسلامية ويختلف معنا ابتداًء في الرؤية السياسية ويجب علينا احترام الاختلاف ، لذلك سنجد أنفسنا كناخبين محصورين في دائرة التيار الإسلامي الذي نتبعه فكريًا إن كانت لنا قناعات إسلامية أو داخل التيار الليبرالي العلماني إن كنا لا نقتنع
وبما أنني من داخل التيار الأول فسوف أتكلم عن التيار الذي أنتمي له فقط وأحاول ان ألقي نظرة عن كثب للمشهد الحالي قبيل الانتخابات بيوم واحد ، وبالنظر للساحة داخل التيار سنجد أن العامة لاتعرف توجهات الجماعات الإسلامية أو المنشقين عن التيارين الأصليين المتمثلين في الإخوان والسلفيين بل لا نبالغ إذا قلنا أنه يوجد تخوفات شديدة بشأنهم من الجميع فبالرغم من عدم توافر معلومات واضحة عن الأفراد إلا إن هناك غموضًا لاينكره مدقق حول التوجهات الفكرية لكل الأحزاب والتيارات الأخرى عدا الإخوان والسلفيون باستثناء واحد فقط هو حزب الوسط حيث أن له تاريخ سياسي معروف للمهتمين بالسياسة وله مواقف جيدة على المستوى السياسي بل لا نبالغ إن قلنا أن الاتجاه السياسي لحزب الوسط يكاد يفوق وضوحًا وصراحًة وجودًة اتجاه الإخوان أنفسهم 
لذلك لن يتبقى على الساحة سوى حزب الحريًة والعدالة الممثل للإخوان وحزبي النور والأصالة الممثلين للتيار السلفي وحزب الوسط 
وقد يبدو لأول وهلة اختيار حزب الوسط هو الأصوب إن كنا نختلف سياسيًا مع الإخوان ونتفق مع توجهات الحزب في الفترة الضيقة الماضية ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن حزب الوسط لم يختبر إداريًا حتى الآن فالمسألة ليست مسألة توجهات نظرية فقط ولكن يجب الأخذ في الاعتبار المواقف الحقيقية على أرض الواقع حتى يمكننا الحكم عندما نختلف ونرى ردة الفعل وهذا ما لم يحدث مع الوسط أضف إلى ذلك الخلاف الفقهي مع التوجهات الفكرية للحزب التي تجعله أقرب للتيار الليبرالي منه للإسلامي كقضايا غير المسلمين والمرأة في الولاية العظمى والتي فيها نصوص قطعية الثبوت وقضايا الحدود وأهل الذمة التي عليها إجماع فعلي في التاريخ الإسلامي مما يجعل الحزب أقرب إما لتيار ليبرالي محترم  ونبيل المواقف وهو موجود بالفعل في صور اخرى أو أقرب لفكر المعتزلة الجدد ويظل الخلاف الفقهي قائم في الرؤية والتطبيق 
أما بخصوص التيار السلفي فلا أظن أن المصوتين له سيتعدون من يؤمن بالفكر السلفي كمنهج للحياة ويرى فيه الاسلام الصحيح أو من يحب ويتبع شيخ بعينه من العامه المحبين لبعض شيوخ المنهج المعروفين كمحمد حسان ومحمد حسين يعقوب على سبيل المثال  وبتقييم التيار من الناحية السياسية سنجد أن رصيده الحالي لايزيد عن العدم كثيرًا أضف لذلك الخلاف الفكري القائم قبل الخلاف الفقهي المعتبر في المسائل الخلافية العادية كاللحية والنقاب والإسبال وتحريم الغناء والتي يعتبرها اتباع الإتجاه السلفي من العقائد ويوالون ويتبرؤن على اساسها مما يرشحهم لأن يكونوا منهجًا صداميًا من الناحية الفكرية أو غير ناضح لقراءة الواقع فضلاً عن التعامل معه التعامل الأمثل في المرحلة شديدة الحرج القادمة 
ثم نأتي للإخوان وما هي أسباب التصويت لهم سنجد أنها محصورة في النقاط الآتية 
الاخوان هم الإتجاه الوحيد القادر على إدارة عملية انتخابية على مستوى الجمهورية وفرز أفراد لهم كفاءة تمكنهم على العمل الجماعي يدفع في اتجاه واحد على عكس باقي التيارات التي سيكون تركيزها متباينًا بين القوة في موضع جغرافي وجودة أشخاص ووحدة الفكر 
الاخوان هم الاتجاه الوحيد الذي له سابق خبرة في الحياة النيابية تمكنه من قراءة آليات التحرك السريع المطلوب في المرحلة الكارثية القادمة في حين أن بقية التيارات ستأخذ وقتًا مكلفًا حتى تتعامل مع الواقع بالشكل الصحيح بافتراض قدرتها على الإدارة وجودة عناصرها 
الإخوان هم الاتجاه الوحيد القادر على إدارة العملية الانتخابية وحماية الصناديق والتعامل مع صور البلطجة والتزوير والفطنة لمحاولات الإلتفاف من جانب النظام أو القضاة غير المؤتمنين في حين أن بقية التيارات ليس لها نفس القدرة 
يوجد داخل الإخوان أشخاص بعينهم لهم توجهات محترمة أو شبه محترمة يمكنهم تولي ادارة الأمور والإصلاح الداخلي وانهاء الخلاف معهم كالدكتور محمد البلتاجي أو الدكتور عصام العريان (على الترتيب في الوصف ) كما يوجد علماء مخلصون داخل الجماعة يقوموا بمهمة النصح والتصحيح الداخلي وهو ما قد لايتوافر لغيرهم  وإن كان لدى السلفيون أشخاص كالدكتور محمد عبد المقصود أو الشيخ نشأت أو حسن أبو الأشبال أو فوزي السعيد لهم من النضج الكافي إلا أن الإتجاه يتجاوز أشخاصهم بكثير 

الاتجاه الشبابي داخل الإخوان يتوافق كثيرًا مع الأوضاع الشعبية سياسيًا ولهم مشاركات فردية في جميع المواقف لاتخفى على أحد مما يعطي أمًلا كبيرًا في مستقبل لن يكون الإصلاح الحقيقي إلا فيه بعكس الإتجاهات الأخرى التي يغلب عليها مجهولية الحال

استطيع أن أؤكد أن تفتيت الأصوات الناتج عن حالة الإحتقان ضد الإخوان لن يضر الإخوان أكثر مما سيضر التيار الإسلامي حيث أن عدم الدفع في اتجاه أغلبية بحيث تتمكن من التغيير سوف يذهب بنا إلى حسابات أخرى سوف ننتظر فيها إلى ان تواتينا فرصة أخرى ( قد لاتأتي لجيلنا ) حتى نتمكن من التوحد حول فصيل متفق في المنهجية ويكون اصلاحه "داخليًا " في حالة الخلاف حيث أنه من الواضح جدًا أن الاتجاه المخالف حتى المنصفين فيه يرى في أصول قناعاته أن تفعيل المنظومة الإسلامية سوف يقود إلى الخلف وبالتالي يرى أن الإقصاء أمر طبيعي وإن لم يعلن ذلك وهو ما يبدو واضحًا جدًا من كلام شخصيات مثل ابراهيم عيسى أو علاء الأسواني أو بلال فضل حين يتكلم عن السياسة نتفق ونختلف في إطار واحد ولكن إن اقترب الأمر من تمكين تفعيل الشريعة قد لايتواني عن استدعاء المجلس العسكري  نفسه لتأمين حفظ علمانية الدولة بوثيقة حاكمة أو بقرارات سيادية كما رأينا وإن كان سيخالف بذلك ما يتشدق به من قواعد الديمقراطية 
لذلك أجد نفسي محدود الخيارات في انتخابات الاثنين القادم وقد عزمت على اختيار الإخوان رغم كل المرارات والتحفظات والخلافات 
والأمر مرفوع لسيادتكم لاتخاذ ما ترونه مناسبًا بهذا الصدد :D

باب النقاش مفتوح في الردود او على الفيس بوك أو تويتر لمن يخالف

الثلاثاء، نوفمبر 08، 2011

نظرات نحو إتجاه الثالث

كثيرًا ما كنت أسمع خطب الدعاة والوعاظ ودروسهم وأنبهر بهم في مرحلة البناء الفكري الأول فمعظمنا قد جُبل على حب الدين والمتكلمين بلسان العلماء وإن كنا من أصحاب المعاصي والذنوب ، وكثيرًا ما وضَعتُ تلك الهالة البرّاقة حول رأس كل متحدث في أمور الدين وحففتهُ بذلك الأثير المقدس بقدسية الدين لكل من زعم الكلام بلسان الشريعة أو رأيت فيه تمسكًا ظاهرًا بها
ثم  بعد أن تسنى لي الإطلاع على كتب العلماء الأقدمين والنظر في سيرهم وتراجمهم حاك في صدري كثيرًا ذلك النقد الذي يصل إلى حد التجريح الشديد جدًا في أعلام لهم من الإخلاص والقبول لدى الأمة ما لاينكره إلا جاحد ، وبالسؤال والنظر في تلك المبررات التي تصل بالعالم للنقد والتجريح الشديد في الآخر قيل لي بأن هؤلاء العلماء المتقدمين يتكلمون بلغة تستعصي على فهمنا الآن إلا لمن كانت له القدرة على استيعاب تلك اللغة والنظر فيها بعقل العالم المدقق ، فالعلماء يعرفون أن كتبهم ومصنفاتهم ليست حكرًا على زمانهم أو قبائلهم أو عشائرهم فكل من تصدى للعلم ووضع له القبول بين الناس وطارت أفكاره واجتهاداته ومصنفاته بين البلاد ستتداولها الأجيال إلى أن يشاء الله ومن ثم فقد اقتضت الضرورة العلمية جمع "كل ما قيل" عن العلماء لأن "كل ما قيل" لايمكن الحكم على فقه العالم وتوجهاته الفكرية واجتهاداته بمعزل عنه سواء بالإيجاب أو بالسلب 
وسأذكر مثالًا واحدًا يتضح به المقال وهو الإمام المجاهد شيخ الإسلام بن تيمية ، إذا قرأت عنه قبل أن تقرأ له فلن تقرأ له وإذا قرأت له قبل أن تقرأ عنه فلن تقرأ عنه وهذا هو الحال دائمًا هناك لغط شديد وجدل محتدم وطنطنة عارمة حول الإمام منهم من يقدسه ويقول بالحرف الواحد أنه "لم يخطىء قط" وهناك من يكفره بالكلية ويخرجه عن ملة الإسلام ويصفه بالزندقة 
وهذا إنما يرجع لأمرين لاثالث لهما ، إما اتباع وتقليد بغير نظر وبغير قراءة لواقع الفترة التي عاش فيها الإمام والمؤثرات والمحن التي تعرض لها وإما النظر بعين العوار إلى أشياء بعينها والحكم على أساسها بغض النظر عن التقييم الإجمالي للأمور
وأما أهل النظر والإعتبار فلا يعنيهم "شخص" الإمام في شيء فحسابه عند ربه وجل اهتمامهم بما ترك وأخرج من علوم ينتفع بها ولا يضعون الهالات المقدسة على رؤس العلماء فما قاله العالم يخالف به الدليل ضربنا به عرض الحائط وما قاله يوافقه فنعله حينها على الرؤس 

جالت هذه الأفكار في رأسي وأنا أتابع أخبار ما يجري في مصر وهالني بعض ما يحدث  ، فعلى صعيد عرفات رأيت داعية معروفًا له في نفوس الناس حظ يقسم بأيْمان مغلّظة على أباطيل يراها من هم أقل منه شأنًا ودراية وعلمًا رأي العين بل قد يراها فاسق أو حتى كافر رأي العين فما الذي حجب الحق عن هذا المتكلم باسم الدين الذي له حظوة في نفوس العامة حتى أخذ يتكلم بالباطل ويقسم عليه الأيمان المغلظة على صعيد عرفات ؟ أثار هذا التأمل مخاوفي بشدة  فأنا وإن كنت أرى في التيار السلفي تيارًا غير ناضج  فكريًا ولا يصلح لتمثيل الإسلام بمفهومه الشمولي الذي اختاره الله تعالى للعالمين ولم يختاره لقبيلة من القبائل ولكنني في نهاية الأمر انتمى لنفس المرجعيات ذات الأسس الواحدة والتي باتباعها يتجنب الشخص العادي الزلل والشطط والتخبط في لجج الزلل فكيف بشخص يفترض فيه حسن النية (ولانشكك في ذلك أبدًا) ويفترض فيه حسن النظر في النصوص على الأقل الثابتة منها ، فما الذي سيحدث لو وصل تيار كهذا إلى سُدة الحكم مثلاً ( وهو أمر مستبعد ) كيف سيقود الأمة بهذا الفهم وكيف لمن لايرى الحق الذي هو كالشمس أن يتعامل مع عوالم أخرى على الصعيد الداخلي والخارجي لاقدرة له على فهم واقعها أصلاً فكيف بالتفاعل معها التفاعل الصحيح؟   

وكذلك عندما أنظر للأداء السياسي لجماعة كبيرة مثل الإخوان المسلمين لها من التجربة والحنكة السياسية ما لها على مدار عشرات السنين ويفترض بها أن لاتقع في نفس الأخطاء وألا تسير على نفس الدرب الذي تبين خطأه منذ نشأتهم وهو عدم الانحياز الكامل للشعب بمبررات سياسية تكون بلهاء في كثير من الأحيان ومتبين عوارها للقاصي والداني وإذا بتنظيم كبير له في مجال العمل القدر الوافر يقع في أخطاء الماضي التي ادت مرارًا إلى ذبحه المرة بعد الأخرى ويصر حتى الآن على السير على نفس الدرب !! ما الذي أحاط بهم فأفقدهم القدرة على الوصول للمأمول بدون الوقوع في المحظور ؟ 
وعلى أية حال فأنا لا اشكك في النوايا وسوف أدعمهم  ما داموا الأقرب للصواب من غيرهم ولكنها التأملات نفسها 

عندما أُرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قومه أخذ على عاتقه همّ البشرية جميعًا حمل تنوء به الجبال لنقل الناس من الكفر إلى الإيمان وذاق في سبيل ذلك ما ذاق ولاقى في سبيله ما لاقى فواصل الجهاد ضد النفوس ثلاثة عشر عامًا لاهمّ له سوى التعريف بالله ووضع اسس المعتقد السليم بمحو آثار الضلالات القديمة عن العقول لم ينزّل الله عليه فيها من التشريعات والتكاليف إلا النظر والإعتبار والجدل بالحق ليدحض به الباطل وعندما تم تأصيل تلك الأمانة في جذر قلوب الرجال وضعت لبنة المجتمع الأول الذي خالطه فيه المنافقين الذين هم أشد خطرًا من الكفّار والحاقدين الحاسدين واضعي المكائد والمؤامرات من اليهود الذين هم أشد فتكًا وأعمق أثرًا من صناديد الكفر فجاء التشريع الإلهي بوضع الأسس الفكرية قبل الفقهية التي يكون بها ميزان المقال والتي يعقل بها الأمر ويحسن بها التدبير فكان المجتمع به من الناس والكوادر والقادة الذين فهموا عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ووعوا من حمل أمانة التشريع الفقهي الذي نزل أخيرًا ليكتمل به الدين وتكتمل به الشرعة والمنهاج على الوجه الأكمل والأجمل والأنضج ليفتحوا به  العالم ويبلغوا به كلمة الله كما أرادها الله منزهة عن الأهواء والجهالات والضلالات صافية المشرب من  كدر أهواء النفوس المريضة والأعراف البالية التي لاتعرف من الإسلام إلا ما أشربت من هواها ذلك الفهم  هوالذي يجعل المسلمين في نعيم لو علمه غيرهم لقاتلوهم عليه بالسيوف ولكن كيف وهم اليوم لايعملونه هم أنفسهم ؟

لا أخفي سرًا فأنا حتى الآن من أنصار حازم صلاح ابو اسماعيل وأراه يسير على المنهاج الصحيح بدون الحياد عن الأصل وبدون  التخلي عن الفهم الواقعي والعملي لمصلحة خاصة وقد تابعت كل ما قاله أو كتب عنه منذ بدء حملته وأراه الأصلح حتى الآن للفترة القادمة التي يجب إحداث توازنًا فيها بين ما كان من تفريط شديد وما هو كائن من جمود فكري كمرحلة انتقالية يمكن أن تهيء الطريق لقادم أفضل ، وأرى أن هناك فرصة ذهبية لن تتكرر آتية في الطريق للإلتفاف حوله ودعمه والتكريس لمطالب نقل السلطة في موعد محدد كمطلب ثابت للجميع ثم ترك الحرية للناس ليختاروا من يرونه مناسبًا في مناخ صحيح   "خلّوا بيني وبين الناس" كما جاء في الأثر

الله أكبر "قالها الجيش الطائفي في سلالم ماسبيرو :)

الله أكبر ولله الحمد