الخميس، مارس 17، 2011

نعم للتعديلات الدستورية ... وهذه هي الأسباب



بعيداً عن الطنطنة والحماس الزائد أقول نعم للتعديلات الدستورية ومن أول لحظة أقول نعم للأسباب الواضحة والعقلانية الآتية (كما أدعيها ولا أفرضها على أحد ) , وقبل أن نخوض في سرد أسباب القبول دعونا نلقي النظر أولاً على أسباب الرفض بقليل من التأمل 

تنحصر أسباب رفض التعديلات الدستورية في العناصر التالية 

البعض ينظر لها على أنها عملية ترقيع للدستور المعطل وأننا نستحق دستور جديد 

البعض ينظر لها أنها تمهد الطريق للرئيس القادم ليصبح مستبداً جديداً لوجود بعض المواد بها ثغرات في صلاحيات الرئيس الواسعة

البعض يرى ان العجلة في سرعة انتقال السلطة للمدنين يمهد الطريق للمؤسسات المنظمة للانقضاض على السلطة وهما فريقين لاثالث لهما وهما الاخوان والوطني المنحل

البعض يرى أن الوجود الحقيقي للأحزاب غير متوافر حالياً ويريد المزيد من الوقت لتعميق معرفة الشارع بالساسة الجدد والاسراع بعمليات التصويت الدستوري والبرلماني والرئاسي يعوق تلك العملية 

البعض يرى أن دستور 71 قد سقطت شرعيته بسقوط النظام واعادته هي ردة مهدده بسقوط الثورة 

والخمس أسباب السابقة هي التي يدور حولها أسباب الرفض وما تتناقله محافل الناشطين السياسين وبتأمل الأسباب السابقة يتضح الآتي :
عندما سقط النظام وقام المجلس العسكري بتعطيل الدستور وإعلان شرعية الثورة أخذ على عاتقه تعيين مجموعة من الشرفاء للبت في أمر التعديلات الدستورية اللازمة (لبدء) حياة سياسية جديدة بدستور خالي الانحرافات الواضحة المقصود بها اشخاص بأعينهم وقد لاقت هذه اللجنة منذ بداية تعيينها قبولاً شعبياً كبيراً وبالنظر للتعديلات الدستورية وخاصة المادة 189 مكرر تجد انها تنص على أن الأعضاء غير المعينين لمجلسي الشعب  الشورى التليين للموافقة على التعديلات ستتولى عمل جمعية تأسيسية لتعديل الدستور أي أن الدستور سيتم تعديله على أي حال فالذين سيصوتون بلا ستتحقق مطالبهم بالتغير ولكن ليس على الفور وهو أمر غير ذو أهمية حرجة في الوقت الراهن .. طبعاً سيجاوب البعض بأن ليس هناك ضمانات لذلك وبأنه ما هي الحاجة الماسة لعدم تغيير الدستور في الوقت الحرج الحالي وللإجابة على هذا السؤال سنجاوب على الاسئلة الخمس 
أولاً : من يقول بأننا بصدد ترقيع للدستور القديم فهو كلام غير حقيقي لأن الدستور سيتم تغييره على ايه حال بنص المادة 189 مكرر وكل ما في الامر ان المواد التي تمنح الرئيس صلاحيات تعيق مجلس الشعب والشورى والسلطة القضائية تم فقط تعديلها لتمكن اللجنه والفقهاء الدستوريين من السير في أعمال الدستور الجديد بدون الخوف من انقلاب الرئيس الجديد عليهم على أية حال 
ثانياً :من يقول بأن هناك مواد في الدستور لازالت تمنح الرئيس سلطات مطلقة وتحوله إلى دكتاتور نقول بأن الدستور المعدل يقتضي السير في اجراءات خلال ستة أشهر فقط وهذا الكلام معناه ان الرئيس الجديد سيتحول إلى دكتاتور فور توليه الحكم ليمنع تغيير الدستور وفي هذه الحالة يكون قد حكم على نفسه بالإعدام .. وكيف سيفعل ذلك رئيس منتخب بدون تزوير ؟؟؟ 

ثالثاً : من يقول بأن انتقال السلطة والسير في اجراءات الانتخابات سيعطي الفرصة للحزب الوطني والاخوان فقط للفوز بأغلبية مجلسي الشعب والشورى والرئاسة فهو وإن كان يتردد على ألسنة الكثيرين إلا إنني بصراحة وآسف لذلك أعتبره كلام سخيف جداً .. فمن المعلوم للجميع أن نصف مقاعد مجلس الشعب إن لم يكن أكثر في المحافظات وصعيد مصر يحصل عليها أشخاص لهم حظوة عائلية عند جماهير دوائرهم وعدم التزوير سيضمن لهم الفوز حتماً وهم غالباً لاينتمون لحزب معين وإن كان الوحزب الوثني كان قد بدأ في استقطابهم بالمال والسلطة ولكن بعد انهيار الحزب وسمعته السيئة سيتبرأ هؤلاء جميعاً من مجرد الاشارة للحزب وهكذا نجد أن الأمر متعلق بالقاهرة والاسكندرية في المعترك وهنا يأتي الكلام عن الأحزاب وللأسف الشديد فإن الحزب الوطني بمساعدة الفاسدين في الأحزاب قد قام بقتل الأحزاب قتلاً نهائياً والوجوه الحزبية الحالية هي وجوه تحالفت مع الشيطان بأكملها ولا يرجى من ورائها خير وكلهم قافزون على الثورة ولا يريدون غير نصيب من الكعكة ولكن الأحزاب قد ماتت فعلياً ولا يرجى لها عودة خلال السنوات القادمة حتى تجدد دمها بالكامل . ولا يتبقى إلا الأحزاب الجديدة التي يجب أن تبدأ في النزول للشارع وعرض مشاريعها فعلياً لا نظرياً وهو أمر سيستغرق عدة سنوات يستحيل معها انتظار سيادتهم حتى يتلطفوا بإعطاء ضوء أخضر لانتقال السلطة , ولكن الوقت والعمل الحقيقي هو ما سيعطي لهم شرعية في الفترة القادمة لإثبات قدراتهم على أرض الواقع  لذلك فالناس سوف تعطي صوتها لمن تثق به وإن كان لاينتمي لأي حزب سياسي ( وما هي قدسية الأحزاب على أي حال )لذلك يجب علينا أن نثق في انفسنا وفي اختياراتنا

رابعاً :الإخوان قد صرحوا بأنهم لن يترشحوا للرئاسة ولن يسعوا إلى أغلبية في الوقت الراهن لإعطاء مصداقية ولإبداء حسن النية في هذه المرحلة (تعليق جانبي .. رأيي في الإخوان أنهم يجب أن يسموا أنفسهم جماعة الفرص الضائعة بحق وهو التعبير الذي لا أذكر من اطلقة عليهم لكنه محق تماماً فهم لا يتعلمو أبداً من أخطاء التاريخ وهو السبب الذي يمنع شخص مثلي ذو مرجعية سياسية دينية من الانخراط في عمل معهم ) وهكذا نجد أن كل مخاوف الانتقال السريع للسلطة من وجهة نظر المعارضين غير حقيقي على الإطلاق 

خامساً : سقوط شرعية دستور 71 حتمية ولايمكن الرجوع بعقارب الساعة للوراء وميدان التحرير ليس ببعيد وأي محاولة للإستبداد في هذا الوقت تحديداً ستكون أشبه بالانتحار السياسي لمن سيقوم بها 

هذا للإجابة على المخاوف المتعلقة بالرفض وهاهي أسباب القبول 

أولاً : التعديلات مرضية وحقيقية وصانعيها يحظوا بقبول شعبي وثقة كبيره وتضمن تغيير  الدستور بالكامل 

ثانياً : بالتقييم الكامل للموقف ككل نجد أننا على شفا انهيار اقتصادي حقيقي في حالة زيادة فترة المرحلة الانتقالية عن حدها وهو ما بدا جلياً في كلام أشخاص موثوق فيهم مثل جودت الملط وعصام شرف وسمير رضوان هذه الأزمة الطاحنة الناجمة عن فساد الحزب الوطني وما خلفه من أعباء اقتصادية لم نعلم حجمها حتى الآن وأقول أنها أزمة مفزعة تستدعي عمل خارق لجميع فئات الشعب حتى يمكن الخروج منها (ملحوظة : أنا تخصصي الدراسي الإقتصاد وما نمر به يسمى أزمة إقتصادية شديدة ويحتاج فريق عمل مكون من خبراء في إدارة الأزمات وهم للأسف غير متوافرين لدينا ولكن لدينا بديل هو العنصر البشري والرهان على استقرار سريع لتحقيق معدل نمو اقتصادي يسمح بتلافي الأزمة حتى لا يتحقق خسائر فادحة ) لذلك فنحن ليس لدينا ترف إمكانية الانتظار لسنوات اخرى لتحقيق مطلب تعديل الدستور الذي سيتم تعديله بالفعل وهي حالة أشبه ما يكون ب (محاولة حشي المحشي ) لا أدري ماذا اسميها بالضبط

ثالثاً : وللأسف الشديد فالغالبية العظمى من الشعب وإن كانت الصورة قد بدأت في التغير للأفضل على نحو رائع يعتمد في مصادره الثقافية على الانترنت والجرائد وهي ماتزال حتى الآن مصادر غير مأمونة وغير موثقة ولا يمكن بناء قرار سليم بالاعتماد عليها فقط لذلك فالبعض يزيد من حيرة الناس بمعلومات مبلبلة وغير موثقة وتستهدف رأي على حساب الآخر دون دلائل واضحة وبراهين وعليه فإن مجموع الناس لن يتحمل تكاليف المد الزائد في المرحلة الانتقالية وهي تهديدات أمنية واقتصادية كبيرة لذلك يجب التعامل مع الأمر بما يناسب جموع الناس وليس جموع المثقفين 

رابعاً وأخيراً : القوى الأجنبية والمتمثلة في امريكا واسرائيل والاتحاد الأوروبي تكاد تجن من احتمالية وصول ذوي الاتجاهات الدينية لمناصب قيادية وعليه فهي تريد أن تدعم الفئات التي تمثل تيارات يمكنها التفاهم معها كالليبرالين واليسارين وهذا الدعم حتى يترجم إلى واقع مادي مؤثر في الشارع يحتاج المزيد من الوقت لهذا ستجد أن القوى اليمينية واليسارية والنخبة تضغط بكامل قوتها لرفض التعديلات بغض النظر عن التقييم الكامل للأوضاع 
هذه هي الخطوط العريضة التي بنيت عليها موقفي المؤيد للتعديلات وهي اجتهادات قابلة للنقد والخطأ لذلك أرجو التصحيح والنقد لأننا في حاجة شديدة وسريعة لذلك