السبت، فبراير 26، 2011

صوره .....وأخرى

المراحل الانتقالية لها طبيعة خاصة جداً تتميز بالفرز والانتخاب والعشوائية والصدفة وأحياناً كثيرة  تدخلات القدر الغير متوقعة
لذلك فعند النظر لما يجري من حولنا خلال الشهر الأخير ستجد الكثير والكثير من المتناقضات الناس كلها أصبحت لاهم لها إلا التحليل السياسي وبقدرة قادر بعدما كان الشاغل الأكبر هو الكرة والفن ولقمة العيش وبنفس الطريقة أصبح معظم الناس من مؤيدي الثورة "بالطبع بعد نجاحها " على الرغم من أنه حتى خطاب التنحي الرئاسي لم يكن الناس على قلب رجل واحد هكذا أو مع الثورة بتلك الصورة , ولكن أما وأن الثورة قد نجحت فقد انضم العوام إليها وهذا مطلوب وهو المراد ولكن مع العوام انضم اليها المنافقين حتى معلومي النفاق بالاسم والصوت والصورة وهم لايخفون على عاقل وكذلك انضم اليها الساكتين حتى تظهر النتائج وهم كثير أيضاً , ولكن المثير للاهتمام أن هناك الكثير من الناس لهم رأي واحد لا يتغير وهو يتلخص في هذه العبارة "كفاية كده المكاسب التي تحققت كثيرة ومش عاوزين نعمل مشاكل ونبوظ الدنيا" أصحاب هذا الرأي كانوا هناك بعد الاقالة الصورية للحكومة في الخطاب الأول للرئيس المخلوع وكانوا هناك بعد الخطاب الثاني الموجه لربات البيوت والعاطفيين ذوي الذاكرة المعدومة وكانوا هناك قبل التنحي وبعده وعند كل بيان للمجلس العسكري وعند كل خطوة ايجابية تتحقق وهو المثير للعجب... ألا يمكن لهؤلاء فهم الواقع ؟ ألا يمكننا رؤية الأمور على حقيقتها لهذا الحد ؟  هل نجح النظام في زرع الخوف والرؤية الضبابية ونزع الأمل والحلم من ضمائرنا حتى صرنا نرضى بأنصاف الحلول والنجاح الجزئي المهدد بالفشل حتى ونحن في أشد مراحل القوة والتأثير ؟؟؟؟؟
هل يخفى على هؤلاء أن كامل النظام التنفيذي لايزال يعمل بكفاءة ولاتزال الرشوة والمحسوبيات والتلوث والغباء والزحام منتشر بنفس الآليات القديمة وأنه لو لم يتم القضاء الكامل على النظام البائد ومطاردته حتى آخره سيعود بقوة القصور الذاتي للعمل من جديد وسوف  ينتخب النظام نفسه من يقود زمامه من جديد ويحفظ له استمراريته بل ويكون مناعة جديدة كالفيروسات ضد الخبرات القديمة التي شكلت عليه خطراً في وقت ما؟
لابد من دعم كل صور التغيير ومظاهر الثورة حتى تنتصر في الحرب وليس في المعركة فالحرب عدة معارك والفوز في أحدها لايعني الفوز بالحرب , فالخبرة التاريخية تصرخ بأن الحذر واجب فكم من معركة تحول انتصارها المؤزر إلى هزيمة نكراء وكم من مرة غافل العدو صاحبه وعاد واسترد قوته , لابد من وعي كامل بطبيعة المرحلة وفهم جزئياتها والتصرف بناء على الوعي ... وليس الأماني 

بالنظر إلى الشقيقة ليبيا وما يحدث فيها نجد ان السياق العام للثورات العربية يتعالى ايقاعها ويزداد صعوبة وضراوة مع الأيام فنظام بن على تهاوى وترنح بعد معركة متوسطة وكفاح وخسائر لها قيمتها المادية والمعنوية ولكن بجهد معقول , في حين أن الايقاع والخسائر والوقت تزايد في مصر واشتدت وتيرة العنف والصلف والغباء للنظام وزاد عدد الشهداء والجرحى والمفقودين وكاد الجيش أن يتدخل لصالح النظام لولا الرحمة الالهية ثم تدخل العقلاء من الجيش في الأحداث , وبالنظر لليبيا نجد السيناريو الأسوء قد حدث وبدأ الجيش في ضرب الشعب بل واستعان بالمرتزقه والعملاء في سحق الثورة ووصفهم بنفس الصفات .. القلة المندسة والعملاء والجرذان ووصف نفسه بأنه ليس كالذين سقطوا ليستكمل نفس المشاهد بكل تفاصيلها ولكن بمزيد من الغباء والخسائر لتتضح الصورة جلية حقيقية تماماً 
هؤلاء لم يكونوا هنا كحكام أبداً .... هؤلاء كانوا هنا كرعاة حصريين لمصالحهم الشخصية ثم لربهم الأعلى المتمثل في ولي نعمتهم كل بحسب توجهاته سواء للقبلة الأمريكية أو الأوروبية أو الاسرائيلية أو لكلهم معاً ... وعند السقوط يتهم شعبه بالتهمة التي طالما حاول في قرارة نفسه أن يبرأ نفسها منها حتى صدقها وحده .... العمالة والخيانة والنهب والسلب والقتل والقمع ... صورة مهداة لباقي الأنظمة 
بسم الله الرحمن الرحيم
"قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا"
صدق الله العظيم

الجمعة، فبراير 11، 2011

اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك

شروق جديد اليوم بحمد الله وحوله وقوته وحده سبحانه وتعالى 

اللهم اكفنا شر أنفسنا وشر اعدائك واعدائنا يارب وأتمم نعمتك علينا يا رب  العالمين

الخميس، فبراير 10، 2011

نصف فجر جديد ... 25 يناير




أتشرف بأنني كنت ممن شاركوا في أحداث حركة 25 يناير من أولها يوم الثلاثاء  الساعة الثالثة عصراً حتى الآن وأؤكد على ذلك لأنني الآن لست في حالة تنظير أو نقد لقضيه ما , بل أحداث عايشتها بنفسي في كل لحظاتها , وقد أتاحت لي هذه التجربة أن أكون في وسط الحدث وأن أكوّن قناعاتي الشخصية وأعيد صياغتها من جديد بخصوص كل الأطراف الذين كانوا يمثلون لي مجرد فرقاء أتعامل معهم من خلال قراءاتي ومعلوماتي الشخصية , وكذلك أتاحت لي التجربة أن احتك وعن قرب بل وألامس بنفسي النظام الرسمي المصري بكل أشكاله سواء إعلامي أو أمني أو سياسي حيث أشاهد ردود الأفعال التي عايشتها بنفسي تتجسد في الإعلام الرسمي وتتبلور في رد فعل سياسي رسمي بعد أن تمر بالقناة الأمنية الرهيبة , وأنا هنا أدعي بلا تواضع زائف أن قراءاتي ورؤيتي السياسية تمكنني من الحكم الصحيح على الأمور وهو ما أثبتته تجربتي حتى اليوم , وأنا هنا بصدد عرض الأحداث وما جرى حتى الآن من موقع شاهد العيان وليس من موقع المنظّر للأحداث لأنني رأيت أنه من الواجب أن أصف الحقيقة كما أراها لسببين أولاً لأسجل موقفي في خضم أحداث لا أعلم يقيناً كيف ستكون نهايتها ولا كيف ستكون عواقبها وتبعاتها ويختلف الناس فيها كثيراً على آلاف الأراء والتصورات, وثانياً عسى أن تكون كلماتي سبباً لاقتناع شخص ما يجلس في المقاعد الخلفية مثلي فيزيد أنصار الحق والعدل ولو بشخص واحد فأنا اؤمن أن الفرد الواحد هو المجموع ولكن في صورة أبسط

عندما انطلقت الدعوة إلى الخروج للتظاهر يوم الثلاثاء الموافق 25يناير وكان يوم عطلة لأنه عيد الشرطة وقررت أن أشارك فيه لاقتناعي الكامل بعدالة المطالب ونقاء المقاصد وكان شعارها في ذلك الحين (عيش  حرية  عدالة اجتماعية  ) ومعناها ببساطة شديدة هو المطالبة بالحد الذي يضمن الكرامة للجميع من اساسيات الحياة ومن حرية الرأي والتعبير عنه ومن توزيع عادل للثروة وفرص العمل , وكان الموعد بعد ظهر ذلك اليوم , وعندما وصلت للمكان المحدد عند دار القضاء العالي بوسط المدينة كان هناك مجموعة قليلة من الناس من مختلف الأعمار والفئات بعض الوجوه مألوفة لديّ لسابق معرفتي بأطيافها كالاخوان المسلمين وكفاية والناصرين وشباب 6 ابريل  وبعضها مألوف لأول مرة لأنها تمثل آحاد الناس الذين انتمي اليهم ووجدت شرذمة قليلة معظمهم من الشباب يمتزجون بأطياف السياسة ولكن النسيج الأكبر هو العامة الذين لايمثلون سوى عامة الناس وانطلقت الهتافات في ظل حصار أمني رهيب له وجه كئيب ساخر يتجسد في نظرات رجاله للناس وللهتافات وللمشاركين وبدأت المطالبات عند الغروب تطالب بالذهاب للتحرير ورفض الأمن مجرد التحرك ولو لخطوات من أمام باب دار القضاء وصف الجنود في شكل صفوف عرضية تتخلل المتظاهرين وتفصل بعضهم عن بعض وجاء الليل ونجح بعص المتظاهرين في الوصول للتحرير وقرروا الاعتصام والمبيت فيه وفي ساعة متأخرة وصلت التعليمات الأمنية باستعمال القمع لتفريق المتظاهرين فوراً واستعمال القوة ضدهم وفي اليوم التالي كانت التعزيزات القمعية الأمنية أشد وشهدت تحرشات أمنية بالناس شاهدت أنا جانب منها بنفس المكان بجوار دار القضاء وشهدت تلك الليلة تجمعات منا في وسط المدينة بشوارعها الشهيرة تهتف ضد النظام وتنادي بسقوطه ولكن أعدادنا كانت قليلة والتجمعات لم تكن تقوى على مواجهة زبانية النظام وظلت التجمعات والصدامات مع الأمن المركزي معظم الليل وشهد اليوم التالي نفس السيناريو ولكن على نطاق اوسع وأطلق الشباب على الفيسبوك في تلك المرحلة نداء بأن تكون الجمعة بعد الصلاة هي جمعة الغضب وقد كانت .. ووسط حشود أمنية لم أشاهد مثلها من قبل وقد كنت نويت الصلاة في مسجد الفتح برمسيس ولكن لضيق المساحة والمضايقات الأمنية صليت في مسجد مجاور له مباشرة وأنهينا الصلاة قبل مسجد الفتح وتوجهت سريعاً لمسجد الفتح ورأيت بعد أن سلّم الأمام مباشرة جموع الشباب تهتف وقبل ترديد الهتاف بدأ الأمن المركزي بالضرب فوراً وبدون حتى أي محاولة للسيطرة على المتظاهرين ومن هذه اللحظة تحديداً بدأت أعظم ملحمة شعبية شاهدتها وعايشتها في حياتي بين الموتى الأحياء أعداء الحياة وبين طفل وليد نبتت له أخيراً كرامة من حيث لايدري الجميع هذا الطفل هو أناس ضاقوا ذرعاً بالجهل والقهر والذل والعار والفقر وخرجوا بأجسادهم وأرواحهم وعقولهم المجردة في مواجهة كائنات أقل من أن توصف بالحقارة جندوا أرواحهم المباعة سلفاً للشيطان لعداء الجميع حتى أنفسهم البائسة المتضررة مع الجموع من لهيب الظلم الذي يطال الجميع بما فيهم جنوده وكانت الشعارات المترددة في مواجهة البطش "سلمية ... سلمية " أي تنادي بعدم استخدام العنف حتى ضد المعتدي حتى لا تتحول المطالب المشروعة إلى شجار عنيف يخسر فيه الطرف المسالم , ولكن مع تزايد حده العنف والبطش والخيانة للمسالمين الذين أرادوها سلمية والتنكيل بمن يتم القبض عليه منهم واهدار كرامته أمام الجميع بلا خوف من حساب أو رادع استيقظ الغضب في الحشود وبدأت الملاحم التي انتهت بفرار من يمتلكون السلاح امام الجموع الغاضبه الجريحة والقتيلة والممتلئة بالعافية والحياة مهما غاب عن وجه الأرض من شهيد أسلم الراية لآخر ما يزال يعدو في طريق الحرية ممسكاً بيد أخية ولو كان قد فارق الحياة  , وعلى غرار طريقة الأرض المحترقة بدأ أعوان الشيطان في معاقبة الجموع الغاضبة بالدهس تحت عجلات سيارات الأمن والإطفاء وقام البعض الآخر بإطلاق المسجونين الخطرين من السجون على المجتمع بتعليمات بالسلب والنهب كعقاب عام على الوقوف في وجه النظام وقام البعض الآخر باصطياد الأفراد بالرصاص الحي كتعبير عن السادية والشيطانية المتركزة في وجدان العقلية الأمنية ولم يسلم من ذلك حتى الأطفال وكأن تعليمات قد صدرت للجميع بتحويل البلاد إلى خراب قبل تركها ولكن كيد الشيطان لم يفلح ونجح الشعب في التصدي والصمود لكافة الأخطار وأحكم سيطرته على الشوارع  بل وعلى أكبر ميادين العاصمة وفرت جموع الأمن المزعومة من ميدان لم يحمل خصمهم فيه أي سلاح سوى الغضب  النبيل غير المسلح إلا بالكرامة 

ولكن قوى الشر لاتستسلم بسهولة فبعد فشل القمع المادي ولمعرفتهم بالنسيج النفسي لعامة الناس ولسابق ترويضهم اعلامياً ونفسياً حتى أحب الكثير منهم حياة الذل والمهانة في مقابل كسرة خبز لاتصلح للكلاب في بلاد أخرى ومقابل جلسة مقيتة أمام تليفزيون مضلل في الأماسي المتشابهة قبل الغطيط في نوم عميق كجيفة لاأمل لها سوى انتظار التحلل بفعل الزمان , استخدمت قوى الشر والطغيان اسلحة اخرى من الكذب والبهتان ومواصلة التزوير للسيطرة على عقول الناس لتفريقهم وشق صفهم في محاولة سوداء لاسترجاع مجد الشيطان المتزلزل عن طريق "فرّق تسد " مستغلين ما زرعوه في الناس خلال سنوات عجاف من الجهل واستمراء الذل والخنوع والوهن وحب الدنيا ولو كانت مجرد أنفاس ملوثة ولقيمات مسمومة وجرعات قاتلة من ماء لايروي ظمأ السنوات , وألقى الشر كلماته السحرية على الجموع  في محاولة كئيبة لانتزاع الشفقة من قلوب ربات البيوت وأصحاب القلوب الضعيفة والذاكرة المهترئة ولمحبي تدخين الارجيلة على المقاهي الذين أفسد عليهم الغضب أمزجتهم وعكّر صفو أوقاتهم الضبابية وهنا تساوت الكفتان ووقف الميزان في نصف حالة التوازن المؤقت وهنا ظهر صوت العقل في الخطاب الشيطاني الذي ينادي بالاستقرار والتعقل  والحكمة في محاولة خبيثة لالتقاط أنفاثة واستعادة جبروته وطغيانه واستعادة مجده ولو في صورة أشخاص آخرين 
تلك المشاهد السابقة تبدو متداخلة وغير واضحة للكتيرين الذين تاهوا في قنوات التضليل والإضلال ولم يعد الكثير يدري أين موطىء قدميه ومع أي فريق يقف , ولكن البعض قد تخطى المنطقة الرمادية منذ أزمنة طويلة ولم يبق له سوى الثبات ومواصلة الطريق مهما تكن النتائج ... فلسنا محاسبين على النتائج