لايوجد أي شخص أو كيان أو جهة ألا وأشادت بالأحداث الأخيرة التي اجتاحت الشقيقة تونس ولايمكن لأي شخص أو جهة مهما كان توجهها معارضة ما قام به أبناء الشعب التونسي , اللهم إلا شخص بحجم وعقل وقدرات العقيد القذافي على سبيل المثال , وما قام به الشعب التونسي حتى وقتنا هذا يمثل نصف الطريق إلى آفاق الحرية والتقدم على الطريق الصحيح وهو النصف الأصعب والأهم , ولم يبق أمامهم إلا الشق الأخير ويتمثل في تحديد المطالب وتوحيدها والإصرار على تنفيذها بالشكل المطلوب وهذا هو الشق الأعقد بالتأكيد حيث يتطلب الوثوق بممثلين له لايتحولوا مع الزمن القصير إلى نسخة من المسخ القديم بتفاصيله البشعة , ولعل الخطوات معروفة للجميع وهي تكوين حكومة انتقالية مؤقتة واجراء انتخابات لاختيار ممثلين بعيدين عن الفساد والضلال القديم وهو الأمر الأشد خطورة في هذه المرحلة والذي أظن أنه سيكون هدفاً صعباً في هذه المرحلة الحرجة لكن المكسب الحقيقي لنا جميعاً من هذه الأحداث من وجهة نظري المتواضعة هو كسر هذا الحاجز النفسي الوهمي الهائل الذي تنسجة الأنظمة حول نفسها باعتبارها تمتلك قوة تستطيع بها السيطرة على كافة مجريات الأمور وقد رأينا جميعاً أنه عند أي تهديد ولو نصف حقيقي لتلك الأنظمة فإنهم يولون الأدبار وقد صدق القول عليهم جميعاً بأنهم يعيشون بجزر نائية عن الناس لتحقيق مكاسب شخصية فإذا ما شارفت المركب على الغرق قفزوا منها إلى طائراتهم الجاهزة وأموالهم التي ظلوا يحولونها لبلاد العدو طيلة عقود ظلمهم وضنوا بها على الفقراء والمستضعفين من بني بلادهم وكأنهم لايستحقون حتى الاستفادة من عوائد تشغيل الأموال المنهوبة منهم داخل بلادهم
وبالنظر للخسائر والمكاسب التي حققها الشعب التونسي فإنه يمكن تلخيصها في الآتي
خسر الشعب التونسي قرابة مائتين شخص مابين قتيل وجريح ضحوا بأنفسهم من أجل حياة كريمة لابنائهم وذويهم
خسر الشعب التونسي استقراره واستقرار مؤسساته المزعوم لفترة من الوقت هي الفترة الانتقالية بين السقوط والنهوض
هذه هي الخسائر على سبيل الحصر ولا يوجد أي خسائر ظاهرة أخرى.. أما في جانب المكاسب فنجد على سبيل المثال لا الحصر
كسب الشعب التونسي احترام نفسه والعالم وبالاجماع حتى ممن لايريدون له الخير
كسب الشعب التونسي كسر الحاجز الوهمي حول ألوهية الحكام الذي ينسجونه حول أنفسهم وأنهم لايمكن استبدالهم أو استأصالهم إلا بالقضاء والقدر
كسب الشعب التونسي مستقبله كله الذي كانت تهدد مقدراته وثرواته مجموعة المرتزقة الحاكمة
كسب الشعب التونسي حريته السياسية والأمنية والشخصية التي كانت تمنعه من مجرد الكلام أو استخدام الانترنت أو حتى ممارسة شعائره الدينية وكانت تمارس ضده أقسى أنواع القمع
كسب الشعب التونسي أنه بات يحسب له ألف حساب عند من سيقوم بالحكم من الآن فصاعدا فما أشبه الليلة بالبارحة
هذا قليل من المكاسب التي سيجنيها الشعب التونسي من مجرد خلع النظام الجائر السابق , ونحن ندعو الله ان لايتم السيطرة على الشعب التونسي وتنويمه حتى تهدأ الأمور ويحدث مجرد تغيير لأشكال من يحكمون فقط كما يريد الكثير من المنتفعين والمرتزقة أن تجري الأمور
أما نحن وسائر البلاد العربية فندعو الله العلي القدير أن يمد في أعمارنا وأعمار أطفالنا حتى يمكنهم أن يروا رؤساء آخرين