الأربعاء، يناير 19، 2011

تونس اللعبة السياسية أم خيارات الشعوب




لايوجد أي شخص أو كيان أو جهة ألا وأشادت بالأحداث الأخيرة التي اجتاحت الشقيقة تونس ولايمكن لأي شخص أو جهة مهما كان توجهها معارضة ما قام به أبناء الشعب التونسي , اللهم إلا شخص بحجم وعقل وقدرات العقيد القذافي على سبيل المثال , وما قام به الشعب التونسي حتى وقتنا هذا يمثل نصف الطريق إلى آفاق الحرية والتقدم على الطريق الصحيح وهو النصف الأصعب والأهم , ولم يبق أمامهم إلا الشق الأخير ويتمثل في تحديد المطالب وتوحيدها والإصرار على تنفيذها بالشكل المطلوب وهذا هو الشق الأعقد بالتأكيد حيث يتطلب الوثوق بممثلين له لايتحولوا مع الزمن القصير إلى نسخة من المسخ القديم بتفاصيله البشعة , ولعل الخطوات معروفة للجميع وهي تكوين حكومة انتقالية مؤقتة واجراء انتخابات لاختيار ممثلين بعيدين عن الفساد والضلال القديم وهو الأمر الأشد خطورة في هذه المرحلة والذي أظن أنه سيكون هدفاً صعباً في هذه المرحلة الحرجة لكن المكسب الحقيقي لنا جميعاً من هذه الأحداث من وجهة نظري المتواضعة هو كسر هذا الحاجز النفسي الوهمي الهائل الذي تنسجة الأنظمة حول نفسها باعتبارها تمتلك قوة تستطيع بها السيطرة على كافة مجريات الأمور وقد رأينا جميعاً أنه عند أي تهديد ولو نصف حقيقي لتلك الأنظمة فإنهم يولون الأدبار وقد صدق القول عليهم جميعاً بأنهم يعيشون بجزر نائية عن الناس لتحقيق مكاسب شخصية فإذا ما شارفت المركب على الغرق قفزوا منها إلى طائراتهم الجاهزة وأموالهم التي ظلوا يحولونها لبلاد العدو طيلة عقود ظلمهم وضنوا بها على الفقراء والمستضعفين من بني بلادهم وكأنهم لايستحقون حتى الاستفادة من عوائد تشغيل الأموال المنهوبة منهم داخل بلادهم 
وبالنظر للخسائر والمكاسب التي حققها الشعب التونسي فإنه يمكن تلخيصها في الآتي
خسر الشعب التونسي قرابة مائتين شخص مابين قتيل وجريح ضحوا بأنفسهم من أجل حياة كريمة لابنائهم وذويهم
خسر الشعب التونسي استقراره واستقرار مؤسساته المزعوم لفترة من الوقت هي الفترة الانتقالية بين السقوط والنهوض
  
هذه هي الخسائر على سبيل الحصر ولا يوجد أي خسائر ظاهرة أخرى.. أما في جانب المكاسب فنجد على سبيل المثال لا الحصر

كسب الشعب التونسي احترام نفسه والعالم وبالاجماع حتى ممن لايريدون له الخير
كسب الشعب التونسي كسر الحاجز الوهمي حول ألوهية الحكام الذي ينسجونه حول أنفسهم وأنهم لايمكن استبدالهم أو استأصالهم إلا بالقضاء والقدر
كسب الشعب التونسي مستقبله كله الذي كانت تهدد مقدراته وثرواته مجموعة المرتزقة الحاكمة
كسب الشعب التونسي حريته السياسية والأمنية والشخصية التي كانت تمنعه من مجرد الكلام أو استخدام الانترنت أو حتى ممارسة شعائره الدينية وكانت تمارس ضده أقسى أنواع القمع
كسب الشعب التونسي أنه بات يحسب له ألف حساب عند من سيقوم بالحكم من الآن فصاعدا فما أشبه الليلة بالبارحة

هذا قليل من المكاسب التي سيجنيها الشعب التونسي من مجرد خلع النظام الجائر السابق , ونحن ندعو الله ان لايتم السيطرة على الشعب التونسي وتنويمه حتى تهدأ الأمور ويحدث مجرد تغيير لأشكال من يحكمون فقط كما يريد الكثير من المنتفعين والمرتزقة أن تجري الأمور
أما نحن وسائر البلاد العربية فندعو الله العلي القدير أن يمد في أعمارنا وأعمار أطفالنا حتى يمكنهم أن يروا رؤساء آخرين
 

الاثنين، يناير 03، 2011

أحداث الأسكندرية والمنطقة الرمادية






ما حدث في الأسكندرية في مطلع العام الحالي هو مجرد شاهد جديد على المنطقة الرمادية التي يلقي النظام بظلالها حول البلاد وهو شاهد جديد على فشل جديد يضاف لقائمة طويلة من حالة الفشل العام التي يعاني منها النظام منذ حقبة طويلة , وبالنظر إلى الاستيراتيجية المتبعة في التعامل مع الشعب المصري بجميع فئاته وطوائفه نجد أن النظام يتعامل بأسلوب واحد منذ قديم الأزل وهو ما يمكن تلخيصه في النقاط التالية 

التعامل مع كافة الأحداث والأمور مهما بلغت قوتها وحجمها على أنها سحابة صيف ستنقشع بالوقت وستعود الأمور لمجاريها من جديد ولن يلبث الناس أن يلتفوا حول مباريات الدوري العام أو أخبار الفنانات أو أخبار السلع التموينية من جديد وهو سلوك عام صحيح ولكن النظام أغفل تماماً الترسبات الناتجة عنه

رد الفعل الرسمي على كافة الأحداث واحد ويكاد يكون محفوظ للجميع وهو يبدأ بالتنديد بجهات مجهولة الهوية ثم يحاول جاهداً الإكثار من الأعداء الوهميين فعلى سبيل المثال في حادث الأسكندرية ستجد أن الاتهامات كثيرة لجهات عديدة منها اسرائيل التي تستهدف استقرار البلاد ومنها تنظيم القاعدة الذي توعد باستهداف الكنائس ومنها حالة الاحتقان الطائفي ومنها مجهولون حتى تكون المحصلة في النهاية ان يتفرق الدم بين القبائل الوهمية ويبدأ الناس في متابعة تصريحات الرئيس ومجاملات شيخ الأزهر وزيارات الوزراء وآراء الخبراء الأمنيين وردود أفعال المتضررين وهي خطوات تكاد تكون محفوظة ومعلومة الترتيب  ويكمن الخطأ في هذا الإجراء إلى أن الأمور ستتحول تدريجياً إلى الإعراض تماماً واليأس من حلول النظام والبحث عن حلول حقيقية وجذرية 

يترك النظام كافة الملفات الساخنة مفتوحة بحجة نقص المعلومات والاجراءات القضائية مع أن المبرر الحقيقي معروف للجميع وهو إما الفشل الذريع في التعرف على الحقائق ومحاولة تلبيس الأمور على الناس ومحاسبة غير المتورطين الحقيقين أو لأنه فعلياً يريد تمييع القضايا وتركها للزمن والنسيان كحل حاسم والخطأ في هذا الإجراء بشع ولا يغتفر لأن النجاح في تأمين النظام بنسبة 100 % والنجاح في تزوير ارادة كافة الشعب والنجاح في تأمين نظام جائر مع الفشل في حسم قضايا معالجاتها معروفة للجميع لهو أبشع اشكال الفشل الذي يحول كافة الأمور إلى قنابل موقوتة مؤجلة 

نجح النظام تماماً بالاستعانة بوسائل الاعلام في خلق المنطقة الرمادية في وعي الناس بكافة أطيافهم وأشكالهم وخطورة المنطقة الرمادية هي في حالة السلبية الشديدة وعدم الرغبة في أي مواجهة والانكباب على الذات والتقوقع داخل الذات أو الاسرة أو بحد أقصى مجموعة ولكن مع الاحتفاظ بكافة العصبيات الجاهلية في أقصي حالاتها حيث التعصب بدون أسباب لأن من يشجع الأهلي لايوجد سبب لذلك وحيث الجهل بدون أسباب حيث أن الله لايكلف نفساً إلا وسعها والجهل سمة من سمات الناس في الأصل ولا يحاسب عليه أحد و حيث أن الأمور كذلك فإن الناس قد قبلت التعامل مع النظام من خلال المنطقة الرمادية وكذلك مع بعضهم البعض بل حتى إن الأمر قد وصل لأن التعامل مع الله قد بات من خلال المنطقة الرمادية التي لاترضى بأي خسائر وتنفعل وقتياً مع الاحتفاظ بكل قدر الجهل و التعصب كما هو 

وفي النهاية سنرى الكثير من محاولات التخفيف منها الحقيقي ومنها مايدور في فلك المجاملات الممجوجة وسنرى الامور تتحول تدريجياً للمنطقة الرمادية من جديد حيث نتحول معها جميعاً إلى قنابل موقوتة مؤجلة الانفجار