الثلاثاء، أغسطس 10، 2010

رمضان جانا




كل عام وانتم جميعاً بخير  وفي تمام الصحة والعافية انتم واحبابكم وكل المسلمين أجمعين :)

عادة ما احس بأن الشيطان أشد ما يكون عليّ فإنما يكون في شعبان , وبإمعان النظر والتدقيق لاحظت الآتي

أن شعبان شهر ترفع فيه الأعمال ... والأعمال بالخواتيم فإذا ما نجح في افساد خاتمة الأعمال السنوية فقد نجح في افساد العام كله بلا شك وتبقى نتيجة العام في الصحف سيئة والعياذ بالله , لذلك فهو يعرف أن الأجازة السنوية له هي شهر رمضان وفيه يجد الناس ويجتهدون في العبادة والذكر وقراءة القرآن وشتى انواع البر وتأتي جوائز الرحمن بلاحصر ولاعدد ولا حساب
"من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبة"
رواة البخاري ومسلم من حديث ابي هريرة رضى الله عنه وارضاه
"من قام رمضان ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه "
متفق عليه
"من قام ليلة القدر ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"
وفيه ذيادة ليست لدى البخاري بإضافة لفظ (وما تأخر ) في آخر الحديث

عندما تدقق في هذه العطايا المتدفقة والهبات اللامتناهية تجد وكأن الله تبارك وتعالى لايريد لنا أن تضيع أعمالنا سدى أبداً وأنه ما زالت أمامنا الفرصة سانحة لننال الغفران بالصيام والقيام وليلة القدر حتى نتدارك ما قد يكون فاتنا مع اجتهاد الشيطان لإفساد خواتيم اعمالنا
لذلك وبعد هذه الفرص العظيمة

"خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له"

أعاننا الله وإياكم على طاعته كما يحب ويرضى ووفقنا في هذا الشهر لنوال المغفرة والرحمة والعتق من النيران

الأحد، أغسطس 01، 2010

حكايا متكررة



زرقاء اليمامة .. كانت حصناً منيعاً لقومها , كم منعت عنهم غارات العدو وصولات الغزاة وبطش الطغاة .. سر القوة الكامن في زرقة عينيها التي تبصر المسافر على مسيرة الليالي الطوال .. كانت دائماً تخبر قومها عن من غاب ومن سيأتي ومن يترقب ومن يتربص ومن يحاول الغدر ومن سيقدم من الأحباب ومن سيداهم من الأعداء ... ذاع صيتها بين القبائل حتى صارت مضرب الأمثال بين الناس في حدة البصر وصدق القول ورجاحة العقل .. ولكن كعادة الأيام التي لاتتغير تأتي الريح بما لاتشتهي السفن .. يلجأ العدو إلى الحيلة ويقرر القائد مراوغة عيني الزرقاء حتى يكذبها قومها .. تلك هي عادة القوم دائماً ما يكذبون حتى الأنبياء .. فما بالنا بامرأة مهما بلغ قدرها ... أبصرتهم كعادتها .. هرعت إلى قومها كعادتها تحذرهم .. ماذا تبصرين يا زرقاء العينين ؟؟ قالت بصدقها المعهود .. أرى شجراً يتحرك نحونا... ضحك قومها منها ... لم ينظروا إلى تاريخها الناصع ولا إلى رجاحة عقلها المعهودة ولا إلى ما وراء الكلمات ... كاد القلق يقتلها... تتطلع إلى الأفق من جديد .. تتضح الصورة أكثر ... رجال تحت شجر يتحرك... تهرع إلى قومها من جديد ... رجال تحت شجر يتحرك... ازدادت ضحكات الرجال وظهر في الأفق من ينادي بانتهاء اسطورتها وانزواء موهبتها واضمحلال عقلها ... لقد فقدت زرقاء العينين صوابها ... تلك هي عادة النابهين... هكذا تردد في الحي ... جلست هناك على التل ترقب القادمين في عجز تام تتجرع مرارة التكذيب وشؤم ماتحمله الأيام من الهوان ... وبعد ثلاثة أيام أتي القادمون بالويل والثبور .. جيش عظيم يصول ويجول في أرجاء اليمامة يقتل الرجال .. ويسبي النساء ويحرق ويقتل ويخرب الديار .. وبعد قليل ظفروا بالزرقاء وعلموا بأنها مصدر قوة قومها ..فقأوا عينيها وتركوها لمرارة القهر وذل الهزيمة وعناء التكذيب .. مرت الأيام ولم تسأل الزرقاء أي أسئلة .. عن ما كان ولا من تسبب لها ولقومها في الهوان .. وانطلق القائل ينادي في الحي .. ما زال هناك أمل في أن نعيد للزرقاء عينيها ... فلنذهب إلى الكهان والعرافين .. فلنذهب إلى اليمن وإلى الأحباش وإلى آخر البلاد بها علنا نجد لها العلاج .. أخذوها وذهبوا في طلب العلاج ... ذهبت معهم من غير كلام ... وفي الطريق .. سألها سائل .... يا زرقاء .. لو عادت لك عيناك ... هل ستعلمين من وشى بالقوم ودل عليهم الأعداء .. أجابت وقد قفدت نور البصر وحدة الزكاء ... نعم ... في اليوم التالي كان وقع الأقدام أقل ... والأصوات في الجوار أخفت .... في الطريق سألها سائل ... يا زرقاء .. هل لو عادت لك عيناك ستدلين على من أرشد الأعداء إلى دروب القوم وأسرارهم ... قالت وقد فقدت  بقايا العقل والضياء ... نعم ... في الصباح كانت الخطوات أقل من خلفها والأصوات تواصل الخفوت.... واصلت المسير ... ثم أتاها السائل ... لو عاد إليك بصرك .. هل ستتعرفين على من دل الأعداء عليك ووشى بك ؟  قالت وقد ذهب عنها نور الصباح وتخبطت في حالك الأمسيات ... نعم... ثم في الصباح استيقظت الزرقاء وحيدة في صحراء الوهم في بلاد غريبة لم تعلم اين هي ولا أين قومها ؟  ولا مع من ذهبت ولا كيف ستعود ؟قضت بقايا أيامها وحيدة في صحراء الغيوم غير عابئة بمن خان ولا من غدر ولا من تخلى فقد ظلت اسطورتها تحكيها الصحراء كما كانت آخر وصايا الزرقاء لها ... بقي ذكرها وحدها وغاب ذكر من خان ومن باع ومن غدر تحت رمال الصحراء كما وصتها الزرقاء.